تجاربها على الشعوب بدلاً من الكلاب مثلما استخدموا قانون الانتخاب الطبيعي من قبل، وقد فصل العلامة مالك بن نبي الحديث عن ذلك مؤيداً بالشواهد الواقعية [1].
والواقع أن بافلوف لم يكن الأول في القائلين بنظرية الفعل المنعكس الشرطي، ولا هو أول السلوكيين، فقد سبقه إلى النظرية أستاذه ستشينوف الذي ألف كتاباً أسماه: الأفعال المنعكسة للمخ سنة 1866، ولكن ظروف ما قبل الثورة الشيوعية كانت متحفظة تجاه الفكر الهدام، ولذلك فإن لجنة الرقابة في بطرسبرج شمت من الكتاب رائحة التآمر والإفساد، وناشدت النائب العام لاتخاذ آراء ضد كتاب الأستاذ أ. م. ستشينوف المادي المتطرف على أساس أنه يقوظ دعائم الأخلاق في المجتمع.
لقد صاغ السيد ستيشنوف نظريته في ثوب رسالة علمية، بيد أن أسلوبها أبعد ما يكون عن الصيغة العلمية؛ ذلك لأنه كتبها بأسلوب يسهل على القارئ العادي أن يفهمه، وتؤكد لنا هذه الحقيقة فضلاً عن رخص سعر الكتاب أن المؤلف يقصد عامداً أن تكون نظريته سهلة التناول لأكبر عدد من القراء، ويلزم عن هذا أن كتاب السيد ستشينوف الأفعال المنعكسة للمخ مقصود به إفساد الأخلاق، فهو خارج عن القانون إذ يمثل خطورة على ضعاف العقيدة من الناس، ومن ثم تجب مصادرته وإعدامه [2].
ذلك ما تعرض له الأستاذ، أما التلميذ بافلوف؛ فقد كانت حكومة استالين تقيم له المهرجانات، وظل محط التكريم والتعزيز حتى وفاته سنة (1936م) ولا غرابة في ذلك [3]. [1] انظر كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، كما أن العلامة وحيد الدين خان قد رد على النظرية في كتابه الإسلام يتحدى، فصل الإيمان بالآخرة. [2] انظر فرويد وبافلوف: (41، 45). [3] انظر فرويد وبافلوف: (41/ 45).