خامساً: النظرية العضوية والنفعيون:
من بين النظريات الاجتماعية الكبرى تبرز النظرية العضوية التي يعد (هربرت سبنسر) ألمع ممثليها [1] ومن بين النظريات الأخلاقية (النظرية النفعية) التي حمل لواءها (بنتام) و (آدم سمث) و (جون. ستيوارت مل) ويمثلها في هذا القرن (برتراند رسل).
ويصح لنا أن ننظر إلى هاتين النظريتين ونعالجهما على أساس أنهما يمثلان اتجاهاً واحداً، فبالإضافة إلى اتفاقهما في البيئة (إنجلترا) فهما تتقاربان أو تتحدان في النظر إلى الدين والأخلاق وهي الزاوية التي نعالج موضوعنا من خلالها، كما أنهما يستمدان مفهوماتهما عن الإنسان والمجتمع من نظرية التطور، لا سيما النظرية الأولى التي يبدو هذا الاستمداد واضحاً في مسماها نفسه.
أما هربرت سبنسر فيرى أن (الأديان تخضع لقانون التطور كما تخضع جميع الظواهر الأخرى) ويأتي بتفسير خاص لنشأة الدين يتحدث عنه (بوترو) قائلاً: "إن نقطة البداية في الأديان تبعاً للترتيب التاريخي هي الواقعة الأولية التي تتعدد فينتج عنها صور مختلفة لا نهاية لها، ليست شيئاً آخر سوى ما يسميه سبنسر بالقرين ( Double) فالإنسان يرى في صفحة الماء صورته أو قرينه، وكذلك يرى نفسه في الرؤيا كما يرى فيها صورة غيره من الناس ... وفي الإنسان نزعة طبيعية تميل به إلى الاعتقاد أن القرين لا يتلاشى، كل ما في الأمر أنه ينصرف ولعله يظهر مرة أخرى في حلم مستقبل حتى إذا حانت منية المرء سهل عليه الاعتقاد بأن هذه الأنا الغامضة لا تزال باقية، وأنها تظل كثيراً وقليلاً شبيهة بنفسه، فهي إذن [1] انظر علم الاجتماع ومدارسه: مصطفى الخشاب (ج:3).