أما المؤرخ الإنجليزي ويلز، فيقول: "من الضروري أن نستلفت نظر القارئ إلى الفروق العميقة بين مسيحية نيقية التامة التطور وبين تعاليم يسوع الناصري، فمن الواضح تماماً أن تعاليم يسوع الناصري تعاليم نبوية من الطراز الجديد الذي ابتدأ بظهور الأنبياء العبرانيين، وهي لم تكن كهنوتية ولم يكن لها معبد مقدس حبساً عليها ولا هيكل، ولم يكن لديها شعائر ولا طقوس، وكان قربانها قلباً كسيراً خاشعاً، وكانت الهيئة الوحيدة فيها هيئة من الوعاظ، وكان رأس ما لديها من عمل هو الموعظة، بيد أن مسيحية القرن الرابع الكاملة التكوين، وإن احتفظت بتعاليم يسوع في الأناجيل -كنواة لها- كانت في صلبها ديانة كهنوتية من طراز مألوف للناس من قبل منذ آلاف السنين، وكان المذبح مركز طقوسها المنمقة، والعمل الجوهري في العبادة فيها هو القربان الذي يقربه قديس متكرس للقداس، ولها هيئة تتطور بسرعة مكونة من الشمامسة والقساوسة والأساقفة، ولئن اتشحت المسيحية بأردية خارجية تشابه نحل سيراييس أو آمون أو بعل مردك مشابهة غير عادية، فلا بد لنا أن نذكر أنه حتى كهانتها نفسها كانت مظاهر جديدة بأعيانها" "ولقد بلغ من جرأة الكتاب المتشككين أن أنكروا إمكان أن يسمى يسوع مسيحياً على الإطلاق" [1].
وإذا كان هذا هو رأي العلماء الباحثين، فإن من المفيد أن نعرف رأي رجال الكنيسة في هذا الأمر، وحسبنا أن نقرأ ما كتبه الدكتور "وليام تامبل" أسقف كنيسة كنتربري وحبر أحبار إنجلترا، حيث يقول: [1] معالم تاريخ الإنسانية: (720، 693). وبعض الكتاب أنكر وجود المسيح كلية. انظر: محاضرات في النصرانية: (42)، ولكن هذا مما لا يلتفت إليه.