كان لابد لجميع المجتمعات التي تسود فيها هذه الملكية الخاصة أن يكون فيها هذه الوصية الأخلاقية المشتركة: لا تسرق! فهل يعني أن تصبح هذه الوصية وصية أخلاقية سرمدية؟ كلا، أبداً، ففي مجتمع أزيلت منه دوافع السرقة حيث السرقات، وبالتالي لا يمكن أن يرتكبها مع مرور الزمن غير مجانين، كم سيضحك الناس من الواعظ الأخلاقي الذي يود أن يعلن على رءوس الأشهاد الحقيقة السرمدية: لا تسرق".
ولهذا فإننا نرفض بكل اطمئنان بأن تفرض علينا أية عقائدية أخلاقية كقانون سرمدي نهائي لا يتزعزع بعد اليوم؛ بذريعة أن لعالم الأخلاق هو أيضاً مبادئه الدائمة التي هي فوق التاريخ والفوارق القومية.
فنحن نؤكد -بالعكس- أن كل نظرية في الأخلاق حتى اليوم إنما كانت في التحليل الأخير نتاج الوضع الاقتصادي للمجتمع في أيامها، كما أن المجتمع قد تطور -حتى اليوم- ضمن تعارضات طبقية فقد كانت الأخلاق على الدوام أخلاقاً طبقية: إما أنها كانت تبرر سيطرة ومصالح الطبقة السائدة، وإما أنها كانت منذ أن تصبح الطبقة المضطهدة على جانب من القوة، تمثل الثورة على هذه السيطرة ومصالح المستقبل للمضطهدين [1].
ويقول ماركس:
(ترتبط العلاقات الاجتماعية وتتعلق بالقوى الإنتاجية ولدى تحقيقنا لقوى إنتاجية جديدة يغير الناس نوع الإنتاج، وعند تغييرهم لنوع إنتاجهم، وعند تغيير طريقة كسبهم لمعيشتهم؛ فإنهم يغيرون كل [1] نصوص من إنجلز: (160).