ويصف لويس فيشر - الذي عانى التجربة نفسها مع الشيوعية - المسخ الفكري هناك بقوله: "ضاعت كل مقاييس الحكم الثابتة، ولم يعد يدرى ماذا يعتنق، وماذا يرفض، وقد لا يأتي المساء حتى يعلن على ملائكة هذا الصباح أنهم شياطين، إن التشويش العقلي الذي ينتج عن هذا أفضى إلى النفاق وإلى التقبل الآلي والتلقائي لكل وحي جديد قد يأتي من سماء الكرملين، فهنا على الأقل يجد الإنسان الحد الأدنى من السلامة والأمن لنفسه" [1].
وكان من المخدوعين بالديمقراطية الشيوعية برتراند رسل الذي اكتشف الحقيقة، فكتب مناقضاً لهذه الدعوى: "إن الطبقة العاملة في روسيا في سنة 1917 كانت أقلية ضئيلة بين السكان، وكانت الأغلبية الساحقة من الفلاحين، فتقرر عندئذٍ أن يكون الحزب البلشفي هو ذلك الجزء من الطبقة العاملة الذي يتمتع بالوعي الطبقي، وأن لجنة صغيرة من زعمائه هم الذين يعدون الجزء الواعي طبقياً بين الحزب البلشفي، وهكذا صارت دكتاتورية العمال دكتاتورية اللجنة الصغيرة، ثم انتهى الأمر بأن أصبحت دكتاتورية رجل واحد هو استالين، وإذ زعم أنه الوحيد ذو الوعي الطبقي بين طبقة العمال أخذ يحكم بإعدام الملايين من الفلاحين جوعاً، ويحكم على ملايين غيرهم بالسخرة في معسكرات الاعتقال" [2].
ولعل خير ما نختم به موضوع الواقع المعاصر للأنظمة العالمية التي تحكم بغير ما أنزل الله هو العبارة اليائسة التي قالها لويس فيشر: "بعض الناس يقض مضاجعهم ما يقترفه العالم الرأسمالي من [1] المصدر السابق: (262 - 263). [2] العقل والمادة: (302).