وبلغت درجة لا بأس بها من الوعي السياسي وفي الوقت نفسه تخلص الكتاب من أحلام الرومانتيكية، واتجهوا إلى الواقعية فلم يعد هناك ما يدعو إلى افتراض نظريات لا أساس لها تاريخياً.
وانطلاقاً من ذلك وجد علم السياسة الحديث بغيته المنشودة في كاتب آخر يتجلى بنظرة عصرية إلى الأمور، وإن كان وجوده التاريخي سابقاً لمشاهير النظريات الأخرى ذلك هو نيقولا ميكيافيللي الذي أطلق عليه لقب أول المحدثين، ويعد كتابه الأمير مصدر الإلهام في العصر الحديث بالنسبة للحكام والمفكرين السياسيين على حد سواء [1].
هذا وقد كان للنظريات اللادينية في القرن التاسع عشر ونظرية التطور بصفة خاصة الإسهام الأكبر في بحث الميكافيلية، وإلباسها اللباس العلمي المبهرج بعد أن كانت من قبل مسبة لأصحابها، ومدعاة للتنفير من معتنقيها.
لقد كانت مملكة المسيح التي يتحدث عنها بابوات الكنيسة الكاثوليكية تشتمل على تنظيمين:
1 - التنظيم الروحي؛ ويمثله رجال الدين؛ ومجال عمله الكنائس والأديرة؛ ووظيفته الوعظ والتوجيه للخلاص من الخطيئة.
2 - التنظيم الزمني؛ وتمثله الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية، وميدانه شئون الحياة الدنيوية.
وكلا التنظيمين يمارس نشاطه في ظل روح أخلاقية مسيحية مع تفاوت بالالتزام بهذه الروح. [1] انظر مقدمة كتاب الأمير لكريستيان غاوس.