أعقبه انكماش وفتور كالذي يصيب أية بدعة أو ظاهرة جديدة بعد فترة من ظهورها فنضب الكثير من موارد الكنيسة في حين ازدادت طمعاً وشراهة اضطرت إلى عرض الصكوك بطريقة مبتذلة، فكان الآباء والقساوسة يتجولون في الإقطاعيات ويبيعونها بأسعار مخفضة ثم زهيدة، وكلما ازداد العرض قل الطلب، وتولد لدى الناس شعور داخلي بأن شراءها إضاعة للمال فيما لا فائدة فيه، أو على الأقل فيما ليس مضمون العاقبة.
وفي الوقت نفسه داهمت المسرح المالي فئة جديدة من الناس أخذت تظهر بوضوح منافسة للطبقتين البارزتين آنذاك "النبلاء" و"رجال الدين" تلك هي الطبقة البورجوازية، وحصلت تحولات أخرى كانت بمثابة المؤشر لنهاية النظام الإقطاعي بجملته.
ومن ناحية المكانة الدينية لرجال الدين فقد بدأت تلك الهالة القدسية المحيطة بهم تتبخر شيئاً فشيئاً بعد زمان من ظهور هذه المهزلة وابتداء الناس يعتقدون أنهم كانوا مخطئين في ذلك الاندفاع الأعمى والتسليم الأبله، وعمَّق ذلك الاعتقاد تنافس القساوسة على بيع الصكوك مقروناً به سيرتهم السيئة وجورهم الفاضح، وعجب الناس إذ رأوا كثيراً من الأشرار والطغاة والمجرمين يتبوءون مقاعدهم في الملكوت ببركة الصكوك التي منحها لهم رجال الدين، فكان ذلك إيذاناً بالشك في قداسة رجال الدين أنفسهم ومدى صلاحهم واستحقاقهم للملكوت في ذواتهم.
ومن ناحية المركز السياسي والنفوذ الدنيوي: كان لصكوك الغفران وما أحاط بها من ظروف وملابسات أثره البالغ في العلاقة بين الكنيسة من جهة والملوك والأمراء والنبلاء من جهة أخرى، فقد رأوا أن قبضة الكنيسة تزداد استحكاماً مع الأيام، وأنهم وشعوبهم ليسوا