اسم الکتاب : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة المؤلف : السقار، منقذ بن محمود الجزء : 1 صفحة : 56
وفي موضع آخر ذكر يوحنا نفس المعنى فقال عن التلاميذ: " أيها الأب القدوس، احفظهم في اسمك الذي أعطيتني، ليكونوا واحداً كما نحن" (يوحنا 17/ 11)، أي كما أن وحدتنا هي وحدة هدف لتكن وِحدتهم بنا كذلك.
ومثله قوله: "تعلمون أني أنا في أبي، وأنتم فيّ، وأنا فيكم" (يوحنا 14/ 20)، فهل هذه النصوص تتحدث عن وحدة ذوات بين الله والمسيح والتلاميذ أم تتحدث عن وحدة مجازية، يشترك فيها كل المؤمنين، كمحبة المسيح أو الدعوة إلى مكارم الأخلاق، فالله والمسيح والأنبياء متحدون في محبة المسيح، وكذلك في الدعوة إلى مكارم الأخلاق؛ من غير أن يقتضي هذا حلول الذوات واتحادها.
ومثل هذه المعاني نستطيع قراءتها في قول بولس: "فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: إني سأسكن فيهم، وأسير بينهم، وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً" (كورنثوس (2) 6/ 16 - 17).
ومثله في قوله: "إله وآب واحد للكل، الذي على الكل وبالكل، وفي كلكم" (أفسس 4/ 6).
وكذلك مثله قول المسيح - عليه السلام - لتلاميذه: " أنا الكرمة، وأنتم الأغصان، الذي يثبت في، وأنا فيه، هذا يأتي بثمر كثير" (يوحنا 15/ 5)، أي من يحبني ويطيعني ويؤمن بي فهذا يأتي بثمر كثير.
وهكذا يتبين أن المعنى الصحيح لقوله: "لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ، وأنا فيه" (يوحنا 10/ 38) أي أن الله يكون في المسيح، أي بمحبته وقداسته وإرشاده وتسديده، لا بذاته المقدسة التي لا تحل في الهياكل "العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي" (أعمال 7/ 48).
وقد تكرر هذا الأسلوب في التعبير عن وحدة الهدف والمشيئة في نصوص كثيرة، منها قول بولس: " أنا غرست، وأبلُّوس سقى ... الغارس والساقي هما واحد .. فإننا نحن عاملان مع الله" (كورنثوس (1) 3/ 6 - 9)، فوحدة بولس مع أبلوس وحدة الهدف المشترك، لا الجوهر والذات.
ومثله جاء في التوراة في وصف الزوجين "يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكونان جسداً واحداً" (التكوين 2/ 24) أي كالجسد الواحد، لا أن ذاتهما
اسم الکتاب : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة المؤلف : السقار، منقذ بن محمود الجزء : 1 صفحة : 56