اسم الکتاب : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة المؤلف : السقار، منقذ بن محمود الجزء : 1 صفحة : 34
داود، وكل هذا ممتنع في حق المسيح، ممتنع بدليل الواقع والنصوص.
فالمسيح - عليه السلام - لم يملك على قومه يوماً واحداً، بل كان فاراً من بني إسرائيل، خائفاً من بطشهم، كما هرب من قومه حين أرادوه أن يملك عليهم. "وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً، انصرف أيضاً إلى الجبل وحده" (يوحنا 6/ 15).
لقد هرب منهم، وذلك لأن مملكته ليست دنيوية زمانية، ليست على كرسي داود، بل هي مملكة روحية في الآخرة "أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم، لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلّم إلى اليهود، ولكن الآن ليست مملكتي من هنا" (يوحنا 18/ 36).
كما أن إشعيا يتحدث عن رئيس السلام، وهو لا ينطبق بحال على الذي نسبت إليه الأناجيل أنه قال: " لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض، ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً، فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنّة ضد حماتها، وأعداء الإنسان أهل بيته " (متى 10/ 34 - 36)، فهل يسمى المسيح الإنجيلي بعد ذلك رئيس السلام؟
ثم إن النبي إشعيا يتحدث عن شخص قدير "ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً "، وليس عن بشر محدود لا يقدر أن يصنع من نفسه شيئاً كما قال عن نفسه: " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين" (يوحنا 5/ 30)، وفي نص آخر يقول لليهود: "الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل، لأن مهما عمل ذاك، فهذا يعمله الابن كذلك" (يوحنا 5/ 19) [1]. [1] ولفهم معنى قول المسيح بأنه يعمل كأبيه نقول بأن هذا جاء في سياق الرد على اليهود الذين عيروه بأنه كسر الوصية بالسبت حين عمل فيه بعض الأعمال الخيرة، فرد عليهم بأنه "كما أن أباه يحفظ العالم ويتسلط عليه يوم السبت، كما في باقي الأيام؛ هكذا هو يشتغل بدون انقطاع لخلاص البشر وخيرهم الزمني والأبدي" اتفاق البشيرين، القس سمعان كلهون، ص (161).
اسم الکتاب : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة المؤلف : السقار، منقذ بن محمود الجزء : 1 صفحة : 34