responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة المؤلف : السقار، منقذ بن محمود    الجزء : 1  صفحة : 160
صريحاً على التثليث الذي تنقضه النصوص التوحيدية الصريحة، كما لم يفهم سائر قراء العهد القديم - من لدن الأنبياء الأوائل لبني إسرائيل - شيئاً عن تلك التي يعتبرها النصارى إشارات على التثليث،

ويعترف بذلك القس بوطر: "بعدما خلق الله العالم، وتوج خليقته بالإنسان لبث حيناً من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بالوحدانية، كما تبين ذلك من التوراة، على أنه لا يزال المدقق يرى بين سطورها إشارات وراء الوحدانية، لأنك إذ قرأت فيها بإمعان تجد هذه العبارات "كلمة الله" أو "حكمة الله" أو "روح الله" ولم يعلم من نزلت إليهم التوراة إلا في ضوء الإنجيل المعنى المراد ... فما لمحت إليه التوراة صرح به الإنجيل" [1].
ويقول الدكتور واين جردوم: "أما في العهد القديم فالطبيعة الثالوثية لم تكن قد أعلنت بوضوح بعد، فإنه من غير المستغرب أن لا نجد أدلة على أن الصلاة كانت ترفع مباشرة إلى الله الابن أو الروح القدس قبل زمن المسيح" [2].
ويبرر عوض سمعان عدم وجود التثليث صراحة في العهد القديم: "نظراً لانتشار الوثنية في الأزمنة الغابرة، واحتمال إساءة اليهود فهم حقيقة التثليث وقتئذ، وجواز اتخاذهم إياها أساساً للاعتقاد بصدق عقيدة تعدد الآلهة التي كان الوثنيون يؤمنون بها؛ كان من البديهي ألا يقوم الله بإعلان حقيقة كونه ثلاثة أقانيم دفعة واحدة" [3].
وهنا يتساءل المرء: هل كان هذا السبب كافياً لإلغاز الله تثليث أقانيمه عن نوح وموسى وبني إسرائيل، فقد كان سبب ضلالهم وتيههم عن التثليث؛ فقد لبَّسه عليهم ما يقرؤونه في الكتاب من نصوص موحدة، جعلتهم يحاربون عقيدة التثليث ويرفضونها، فهل سيغفر لهم ولغيرهم أنهم لم يهتدوا إلى حقيقة المراد من هذه الألغاز؟.
ونظر المحققون فيما أسمته النصارى إشارات التوراة، فوجدوها محض تمحل لا تقبله الأذواق السليمة، ولا ترتضيه دلالات الكلام وتناسق السياق.
ثم إن غاية ما يمكن أن تدل عليه هذه النصوص تعدد الآلهة، من غير تحديد لها بالتثليث أو التربيع أو غيره، فالجمع الوارد في مثل قوله: (إلوهيم، هلم، ننزل، ونبلبل) لو أفاد جمع العدد فإنه يحتمل التربيع والتخميس وغيرهما، ولا يفيد التثليث بالضرورة.
لكن هذه الألفاظ يراد منها جمع التعظيم لا التكثير والتعدد، وقد اعتادت الأمم التعبير عن عظمائها باستخدام جمع التعظيم، فيقول

[1] انظر: محاضرات في النصرانية، محمد أبو زهرة، ص (121)، العقائد المسيحية بين القرآن والعقل، هاشم جودة، ص (129 - 130).
[2] كيف يفكر الإنجيليون في أساسيات الإيمان المسيحي، واين جردوم، ص (319).
[3] الله في المسيحية، عوض سمعان، ص (234).
اسم الکتاب : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة المؤلف : السقار، منقذ بن محمود    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست