اسم الکتاب : المختار في الرد على النصارى المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 81
وقال آخر:
وإني إلى أن تسعفاني بحاجة ... إلى آل ليلى مرة لخليل
وهو لا يمدحه بأن خليله وصديقه يكون فقيرا سائلا يأتي يوم المسألة ويبسط يده للصدقة والعطية، وإنما الخليل في هذا الموضع من الخَلة والاختلال لا من الخُلة والخلال.
وكأن إبراهيم عليه السلام حين صار في الله مختلا أضافه الله إلى نفسه وأبانه بذلك عن سائر أوليائه، فسماه خليل الله من بين الأنبياء كما سمى الكعبة بيت الله من بين جميع البيوت، وأهل مكة أهل الله من بين جميع البلدان، وسمى ناقة صالح عليه السلام ناقة الله من بين جميع النوق. وهكذا كل شيء عظمه الله تعالى من خير وشر وثواب وعقاب، كما قالوا: دعه في لعنة الله وفي نار الله وفي حرقه. وكما قال للقرآن كتاب الله، وللمحرم شهر الله. وعلى هذا المثال قيل لحمزة رحمة الله ورضوانه عز ذكره عليه أسد الله، ولخالد رحمة الله عليه سيف الله تعالى.
وفي قياسنا هذا لا يجوز أن الله خليل إبراهيم كما يقال إن إبراهيم خليل الله.
فإن قال قائل: فكيف لم يقدموه على جميع الأنبياء إذ كان الله قدمه بهذا الاسم الذي ليس لأحد مثله؟
قلنا: إن هذا الاسم اشتق له من عمله وحاله وصفته. وقد قيل لموسى عليه السلام كليم الله، وقيل لعيسى روح الله، ولم يقل ذلك لإبراهيم ولا لمحمد صلوات الله عليهما وإن كان محمد صلى الله عليه وسلم أرفع درجة منهم، لأن الله تعالى كلم الأنبياء عليهم السلام على ألسنة الملائكة، وكلم موسى كما كلم الملائكة فلهذه العلة قيل كليم الله. وخلق في نطف الرجال أن قذفها في
اسم الکتاب : المختار في الرد على النصارى المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 81