اسم الکتاب : جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر عرض ونقد المؤلف : الدسوقي، رمضان الجزء : 1 صفحة : 354
رابعًا: نقد عقيدة التثليث بالأدلة والبراهين العقلية:
الدليل العقلي أحد الأدلة التي استخدمها علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس بقسميه، إذ أن إعمال العقل في فحص القضايا المتنازع فيها بين المسلمين والنصارى أمر من الأهمية بمكان ولأن النصارى لا يؤمنون بالقرآن وإذا استخدم العلماء القرآن الكريم في الرد عليهم فذلك منهج غير موضوعي لذا اتبع علماء المسلمين في إبطالهم لعقائد النصارى الدليل العقلي وذلك بعرض مفردات تلك العقائد على العقل وإثبات أنها تتعارض مع المسلمات البديهية وتتناقض مع الحقائق العلمية الثابتة. وقد أبطل هذه العقيدة شيخ الإِسلام بأدلة عقلية أوردها في كتابه الجواب الصحيح وقد أورد العلامة رحمة الله الهندي أيضًا كثيرًا من الأدلة والبراهين العقلية على بطلان عقيدة التثليث عند النصارى ووافقه عليها أيضًا العلامة الألوسي .. من هذه الأدلة ما يلي:
1 - لما كان التثليث والتوحيد حقيقيين عند المسيحيين ... وإذا وجد التثليث الحقيقى لا بد من أن توجد الكثرة الحقيقية أيضًا ولا يمكن بعد ثبوتها التوحيد الحقيقى وإلا يلزم اجتماع الضدين الحقيقيين وهو محال فلزم تعدد الوجباء (أي تعدد واجب الوجود) وفات التوحيد يقينًا، فقائل التثليث لا يمكن أن يكون موحدًا لله تعالى بالتوحيد الحقيقى والقول بأن التثليث الحقيقى والتوحيد الحقيقى وإن كانا ضدين حقيقيين في غير الواجب لكنهما غير ذلك فيه سفسطة محضة لأنه إذا ثبت أن الشيئين بالنظر إلى ذاتيتهما ضدان حقيقيان أو نقيضان في نفس الأمر فلا يمكن اجتماعهما في أمر واحد شخصى في زمان واحد من جهة واحدة واجبًا كان ذلك الأمر أو غير واجب كيف وإن الواحد الحقيقى ليس له ثلث صحيح والثلاثة لها ثلث صحيح وهو واحد وأن الثلاثة مجموع آحاد ثلاثة، والواحد الحقيقي ليس مجموع آحاد رأسًا، وأن الواحد الحقيقي جزء الثلاثة فلو اجتمعا في محلّ واحد يلزم كون الجزء كلًا والكل جزءًا وأن هذا الاجتماع يستلزم كون الله مركبًا من أجزاء غير متناهية بالفعل لاتحاد حقيقة الكل والجزء على هذا التقدير، والكل مركب فكل جزء من أجزائه أيضًا مركب من الأجزاء التي تكون عين هذا الجزء وهلم جرا، وكون الشيء مركبًا من أجزاء متناهية بالفعل باطل قطعًا [1].
2 - الاتحاد بين الجوهر اللاهوتي والناسوتي إذا كان حقيقيًا لكان أقنوم الابن محدودًا متناهيًا وكل ما كان كذلك كان قبوله للزيادة والنقصان ممكنًا وكل ما كان كذلك كان اختصاصه بالمقدار المعين لتخصيص مخصص وتقدير مقدر وكل ما كان كذلك فهو محدث فيلزم أن يكون أقنوم الابن محدثًا ويستلزم حدوثه حدوث الله، وهذا محال [2]. [1] إظهار الحق: 1/ 335، الجواب الفسيح: 1/ 191. [2] المرجع السابق: 1/ 336، الجواب الفسيح: 1/ 192.
اسم الکتاب : جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر عرض ونقد المؤلف : الدسوقي، رمضان الجزء : 1 صفحة : 354