اسم الکتاب : جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر عرض ونقد المؤلف : الدسوقي، رمضان الجزء : 1 صفحة : 144
وصف الإله بأنه يستريح من التعب:
وقد استدل صاحب كتاب "انزعوا قناع بولس" على هذا بالنص الذي يقول: "فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل" [1] وقد علق عليه مفندًا هذا الوصف الذي تدعيه التوراة فيقول:
(لقد شبه كاتبو التوراة الله بالإنسان العامل الذي يكد ويتعب طيلة أيام الأسبوع الستة وفي اليوم السابع يستريح، ولقد دحض الله هذه الفرية في آيات كثيرة من القرآن إذ قال تعالى: ({وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [2]. وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [3] وقال تعالى: ({أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [4]. فالله ينزه نفسه في القرآن عن التعب الذي وصفوه به وهم في هذا إنما يناقضون أنفسهم فقد ورد في سفر أشعياء قوله: "أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا" [5] مما يكذب قولهم في أن الله استراح من التعب) [6].
فهذا قليل من كثير ورد في العهد القديم يصف الله عزوجل بما لا يليق بذاته المقدسة مما يدل على مدى الانحراف الذي وقع فيه كتبة التوراة من ناحية ومن ناحيه أخرى يدل دلالة واضحة من خلال ما تقدم من شواهد على التناقض الواضح بين نصوص العهد القديم تلك التى تصفه بالجهل تارة وبالعلم تارة أخرى أو تصفه بالتعب تارة وبعدم التعب تارة أخرى فلو كانت كتبهم صحيحة ما وقع فيها هذا التناقض.
والتصور الصحيح في الأسماء والصفات أن نعبده سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، دون تشبيهه بأحد من خلقه، وتمثيله بشيء من مخلوقاته، ودون أن نؤلها تأويلًا يخرجها عن حقيقته فهو سبحانه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [7]، وما يلصقه كتبة العهد القديم لله تعالى من أسماء وصفات لا تليق بذاته المقدسة، لهو خروج عن هذا التصور الصحيح وإلحاد، كما أخبر سبحانه وتعالي "ولله الأسماء الحسني فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون" [8]. [1] تكوين 2/ 2. [2] سورة ق الآية 38. [3] سورة الأحقاف الآية 33. [4] سورة ق الآية 15. [5] الإصحاح (40/ 28) الله لا شبه له. [6] انزعوا قناع بولس عن وجه المسيح ص 14. [7] سورة الشورى، الآية: (11). [8] سورة الأعراف، الآية: (180).
اسم الکتاب : جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر عرض ونقد المؤلف : الدسوقي، رمضان الجزء : 1 صفحة : 144