اسم الکتاب : موسوعة الملل والأديان - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 338
المطلب الأول: بشارة يعقوب عليه السلام بشيلون:
وقد توالى الأنبياء وهم يبشرون بمقدم نبي آخر الزمان، ويذكرون صفاته وأحواله، والتي من أهمها أنه ليس من بني إسرائيل، كما أنه صاحب شريعة تدوم إلى الأبد، يسحق أعداءه، ودعوتُه تكون لخير جميع الأمم.
وهذه الصفات لم تتوافر في أحد ادعى النبوة سواه، ولا يمكن للنصارى حمل تلك النبوءات التي يقرون في أنها نبوءات، لا يمكن لهم أن يحملوها على غيره صلى الله عليه وسلم؛ إذ موسى وعيسى كانا نبيين إلى بني إسرائيل فقط، وكان موسى صاحب شريعة انتصر أتباعه على أعدائهم، وأما عيسى فلم ينزل بشريعة مستقلة؛ إذ هو نزل بشريعة موسى وبتكميلها، فهو القائل: (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل). (متى 5/ 17)، ولم يُقيَّض له أن ينتصر على أعدائه، بل تزعم النصارى أنهم تمكنوا منه وصلبوه. فكيف يقال بأنه المختار الذي يسحق أعداءه وتترقبه الأمم؟
وأقدم النبوءات الكتابية الصريحة التي تحدثت عن النبي الخاتم جاءت في وصية يعقوب لبنيه قبل وفاته، حين قال لهم: (ودعا يعقوب بنيه، وقال: اجتمعوا لأنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام، اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب، واصغوا إلى إسرائيل أبيكم ... لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع شعوب). (التكوين 49/ 10)، فهو يخبرهم عن وقت زوال الملك والشريعة عنهم في آخر الأيام.
وأما نسخة الرهبانية اليسوعية، فالنص فيها: (لا يزول الصولجان من يهوذا، ولا عصا القيادة من بين قدميه؛ إلا أن يأتي صاحبها وتطيعه الشعوب).والنص حسب (ترجوم يوناثان) أوضح، وفيه: (لا يتوقف الملوك والحكام من عائلة يهوذا، ولا يتوقف معلمو الشريعة من نسله حتى يجيء الملك المسيا أصغر أبنائه) [1].
وتختلف التراجم في ثلاث من كلمات النص، فقد أبدل البعض كلمة (قضيب) بالملك أو الصولجان، وكلها بمعنى واحد، وكذا أبدلت كلمة (مشترع) بالراسم والمدبر أو عصا القيادة، وهي متقاربة بمعنى صاحب الشريعة مدبر قومه.
وأما الاختلاف الأهم فكان في كلمة (شيلون) التي أبقتها معظم الترجمات على حالها، وفي تراجم عبرانية أخرى قيل: (إلى أن يأتي المسيح)، وقد فسر القس إبراهيم لوقا (شيلون) بالمسيح، واعتبرها ترجمة صحيحة لكلمة (شيلوه) العبرية، ففيه (???????)، وذكرت الطبعة الأمريكية للكتاب المقدس في هامشها أن كلمة (شيلون) تعني: الأمان، أو: الذي له.
فما هو المعنى الدقيق للكلمة (شيلون) التي تدور حولها النبوءة؟
في الإجابة عن هذا السؤال يرى القس السابق والخبير في اللغات القديمة عبد الأحد داود أن كلمة (شيلون) لا تخرج في أصلها العبري عن معان، أهمها:-
1 - أن تكون من الكلمة السريانية مكونة من كلمتي (بشيتا) و (لوه)، ومعنى الأولى منهما: (هو) أو (الذي)، والثانية: (لوه) معناها: (له)، ويصبح معنى النبوءة حسب ترجمته المفسرة: (إن الطابع الملكي المتنبئ لن ينقطع من يهوذا إلى أن يجيء الشخص الذي يخصه هذا الطابع، ويكون له خضوع الشعوب).
2 - أن تكون الكلمة محرفة من كلمة (شيلواح) ومعناها: (رسول الله) كما يعبر بالكلمة مجازاً عن الزوجة المطلقة؛ لأنها ترسل بعيداً، وتفسير الكلمة بالرسالة مال إليه القديس جيروم، فترجم العبارة (ذلك الذي أرسل). (2)
وأيًّا كان المعنى فإن النبوءة تتحدث عن شخص تدعوه: شيلون. وليس عن المكان المسمى (شيلون) كما ادَّعى بعض المفسرين، فمن هو شيلون؟ [1] برهان يتطلب قراراً، جوش مكدويل، (ص 175).
(2) انظر ((محمد في الكتاب المقدس)) عبد الأحد داود، (ص77 - 85، 182)، و ((قاموس الكتاب المقدس))، (ص536).
اسم الکتاب : موسوعة الملل والأديان - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 338