اسم الکتاب : الأفعال الناسخة المؤلف : حمدي كوكب الجزء : 1 صفحة : 104
فأما إذا كان غير متصرف في نفسه فينبغي أن لا يتصرف عمله فلهذا قلنا لا يجوز تقديم خبره عليه.
والذي يدل على هذا أن ليس في معنى ما لأن ليس تنفى الحال كما أن ما تنفى الحال وكما أن ما لا تتصرف ولا يتقدم معمولها عليها فكذلك ليس.
على أن من النحويين من يغلب عليها الحرفية ويحتج بما حكى عن بعض العرب أنه قال ليس الطيب إلا المسك فرفع الطيب والمسك جميعا وبما حكى أن بعض العرب قيل له فلان يتهددك فقال عليه رجلا ليسى فأتى بالياء وحدها من غير نون الوقاية ولو كان فعلا لوجب أن يأتى بها كسائر الأفعال.
ولأنها لو كانت فعلا لكان ينبغي أن يرد إلى الأصل إذا اتصلت بالتاء فيقال في لست ليست ألا ترى أنك تقول في صيد البعير صيد البعير فلو أدخلت عليه التاء لقلت صيدت فرددته إلى الأصل وهو الكسر فلما لم يرد هاهنا إلى الأصل وهو الكسر دل على أن المغلب عليه الحرفية لا الفعلية.
وقد حكى سيبويه في كتابه أن بعضهم يجعل ليس بمنزلة ما في اللغة التي لا يعملون فيها ما فلا يعملون ليس في شيء وتكون كحرف من حروف النفى فيقولون ليس زيد منطلق وعلى كل حال فهذه الأشياء وإن لم تكن كافية في الدلالة على أنها حرف فهي كافية في الدلالة على إيغالها في شبه الحرف وهذا ما لا إشكال فيه وإذا ثبت أنها لا تتصرف وأنها موغلة في شبه الحرف فينبغي أن لا يجوز تقديم خبرها عليها ولأن الخبر مجحود فلا يتقدم على الفعل الذي جحده. (319)
(319) الإنصاف في مسائل الخلاف ج 1 ص 162
اسم الکتاب : الأفعال الناسخة المؤلف : حمدي كوكب الجزء : 1 صفحة : 104