اسم الکتاب : الاقتراح في أصول النحو - ط البيروتي المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 97
قال سيبويه:
" وليس شيء مما يضطرون إلا وهم يحاولون به وجها ".
نعم قد لا يظهر فيه وجه الحكمة.
قال بعضهم إذا عجز عن تعليل الحكم قال هذا تعبدي وإذا عجز النحوي عنه قال: هذا مسموع.
وهذا موضع آخر من الخصائص:
لاشك أن العرب قد أرادت من العلل والأعراض ما نسبناه إليها ألا ترى إلى أطراد رفع الفاعل ونصب المفعول والجر بحروفه والجزم بحروفه وغير ذلك من التثنية والجمع والإضافة والنسب والتحقير وما يطول شرحه.
فهل يحسن بذي لب أن يعتقد هذا كله اتفاق وقع وتوارد اتجه؟
فإن قلت فلعله شيئ طبعوا عليه من غير اعتقاد لعلة ولا لقصد من المقصود من القصود التي تنسبها إليهم بل لأن آخرا منهم حذرا على ما نهج الأول فقام به.
قيل: إن الله إنما هداهم لذلك وجبلهم عليه لأن في طباعهم قبولا له وانطواء على صحة الوضع فيه وتراهم قد اجتمعوا على هذه اللغة وتواردوا عليها.
فإن قلت: كيف تدعي الاجتماع وهذا اختلافهم موجود ظاهر ألا ترى إلى الخلاف في (ما) الحجازية والتميمية إلى غير ذلك؟
قيل: هذا القدر والخلاف لقلته محتقر غير محتفل به وإنما هو في شيء من الفروع يسير فأما الأصول وما عليه العامة والجمهور فلا خلاف عليه.
وأيضا فإن أهل كل واحدة من اللغتين عدد كثير وخلق عظيم وكل منهم محافظ على لغته لا يخالف شيئا منها.
فهل ذلك إلا لأنهم يحتاطون ويقتاسون ولا يفرطون ولا يخلطون؟
ومع هذا فليس شيئ من مواضع الخلاف على قلته إلا وله وجه من القياس يؤخذ به.
ولو كانت اللغة حشوا مكيلا وحثوا مهيلا لكثر خلافها وتعادت أوصافها فجاء عنهم جر الفاعل ورفع المضاف إليه والنصب بحروف الجزم.
وأيضا فقد ثبت عنهم التعليل في مواضع نقلت عنهم كما سيأتي.
اسم الکتاب : الاقتراح في أصول النحو - ط البيروتي المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 97