اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 7
نشأ الزمخشريّ بزمخشر، ودرس بها، ثمّ رحل إلى بخارى لطلب العلم [1]، ثم إلى خراسان حيث اتصل ببعض رجال الدولة السلجوقيّة ومدحهم [2]، ثمّ إلى أصفهان حيث مدح ملكها محمَّد بن أبي الفتح ملكشاه [3]، ثمّ إلى بغداد حيث ناظر بها وسمع من علمائها [4]، فإلى مكة حيث اتصل بأميرها أبي الحسن علي بن حمزة بن وهّاس الشريف الحسنيّ، وكان ذا فضل غزير، وله تصانيف مفيدة وقريحة في النظم والنثر مجيدة [5]، فتبادلا المديح شعرًا [6].
وفي أيام مقامه بالحجاز زار همدان، ومدح آل زرير [7]، ثم طوَّف في بلاد العرب، وزار تربة، وهي وادٍ على مسيرة أربع ليالي من الطائف، يقول: "وطئتُ كلّ تربة في أرض العرب، فوجدت تربة أطيب الترب" [8].
وبعد إقامته مدة بمكة، شاقه وطنه، فعاد إليه، لكنّه سرعان ما حنّ إلى مكة، فعاد إليها، فقيل له: "قد زجَّيتَ أكثر عمرك هناك، فما الموجب"؟ فقال: "القلب الذي لا أجده ثَمَّ أجده ها هنا" [9]. وفي أثناء عودته إلى مكة عرّج على الشام، ومدح تاج الملوك بوري طفتكين، صاحب دمشق [10].
وفي مكة لقي من ابن وهّاس ما كان يلقاه من قبل من حفاوة وتعظيم، وكان ابن وهّاس يوافقه في مذهبه، فشجعه على تأليف كتابه "الكشاف" [11].
وبعد مكّة عاد إلى وطنه ثانية، معرجًا على بغداد سنة 533 هـ [12]، وبقي في خوارزم إلى أن أتته المنيّة ليلة عرفة سنة 538 هـ/ 1134م بجرجانيّة، وهي قصبة خوارزم على شاطئ نهر جيحون [13]. وقد رثاه بعضهم بأبيات، من جملتها [من البسيط]:
فأرضُ مكَّةَ تذري الدمعَ مقلتُها ... حزنًا لفرقةِ جار الله محمودِ (14)
وروي أنّه أوصى أن تُكتب على قبره الأبيات التالية [من الكامل]:
يا مَنْ يرى مَدَّ البعوضِ جناحَها ... في ظلمةِ الليلِ البهيمِ الأليلِ [1] إنباه الرواة 3/ 368. [2] الزمخشري ص 38 - 40. [3] المرجع نفسه ص 40 - 41. [4] المرجع نفسه ص 42. [5] معجم الأدباء 14/ 86. [6] الزمخشري ص 43. [7] المرجع نفسه ص 43 - 45. [8] أساس البلاغة (ترب). [9] إنباه الرواة 3/ 226. [10] الزمخشري ص 45. [11] انظر مقدمة الكشاف. [12] الزمخشري ص 46. [13] وفيات الأعيان 5/ 173 - 174؛ وبغية الوعاة 2/ 280؛ ومعجم الأدباء 19/ 129؛ وشذرات الذهب 4/ 121.
(14) وفيات الأعيان 5/ 173.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 7