اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 66
والإرْبَةُ والمَأْرَبَةُ": الحاجَة، وخصَّ المسلمين بذلك دون غيرهم لَأمْرَين:
أحدُهما: أنّ الغالب على المسلمين التكلُّمُ بلسان العرب، والنحْوُ قانونٌ يُتوصّل به إلى كلام العرب.
والأمرُ الثاني أنّه وَسيلةٌ إلى معرفة الكتاب العزيز والسُنّةِ اللذين بهما عمادُ الإسلام.
...
وقوله: "وما بي من الشفَقَة والحَدَب على أَشْياعي من حَفَدة الأَدَب".
"الشفَقَةُ": بمعنى الحَذَر، يقال: "أَشْفَقْتُ عليه"، إذا خَشِيتَ عليه، و"أَشْفَقْتُ منه"، إذا حَذِرْتَه. والمصدر "الإشفَاقُ"، و"الشفَقَة" الاسم، و"الحَدَبُ": التعَطُّفُ، يقال: حَدِبَ عليه، وتَحَدَّبَ، إذا تَعَطَّفَ. و"الأَشْياعُ": الأَحْزابُ والأعوانُ.
والحَفَدَةُ: الخَدَمُ، واحدُهم "حافِدٌ"، على حَدِّ "كافرٍ وكَفَرَةٍ ".
* * *
وقوله: "لإِنْشَاءِ كِتابٍ في الإعراب، مُحِيط بكافّةِ الأبواب".
"الإنشاءُ": الاختراعُ، يقال "أَنْشَأَ خُطْبَةً ورِسالةً وقصيدةً" إذا اخترع ذلك.
وقوله: "بكافّةِ الأبواب". شاذٌّ من وجهَين: أحدُهما أنّ كافَّةً لا تُستعمل إلّا حالًا [1]، وههنا قد خفضها بالباء، على أنّه قد ورد منه شيءٌ في الكلام عن جماعةٍ من المتأخّرين، كالفارقيّ الخطيب، والحَرِيريّ، وقد عيب عليهما ذلك، والذين استعملوه لَجَؤوا إلى القياس، والاستعمالُ ما ذكرناه. والوجه الثاني: أنّه استعمله في غير الأنَاسيّ، و"الكافّةُ": الجماعة من الناس لُغَةً.
* * * [1] وردت الكلمة "كافّة" مضافة في رسالة عمر بن الخطاب إلى بني كاكِلة حيث يقول: "قد جعلت لآل بني كاكلة على كافَّة المسلمين لكل عام مئتي مثقال ذهبًا إبريزًا". ولمّا آلت الخلافة إلى علي بن أبي طالب، عُرض عليه هذا الكتاب، فنفّذ لهم ما فيه، وكتب بخطّه: "لله الأمرُ من قبلُ ومن بعد، ويومئذٍ يفرح المؤمنون. أنا أوَّلُ من اتّبع أمرَ من أعزّ الإِسلامَ، ونصر الدين والأحكام، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورسمتُ لآلِ بني كاكِلَة بمثل ما رسم ... ". ذكر ذلك سعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد، وقال: "الخط موجود في بني كاكِلَة إلى الآن". ويكفي أن يستعمل عمر بن الخطاب كلمة "كافّة" مضافة، ثمّ يُقرُّه على هذا الاستعمال عليّ بن أبي طالب. وهو إمام الفصاحة والبيان، كي نجوِّز استعمال الكلمة مضافةً.
انظر: مصطفى الغلاييني: نظرات في اللغة والأدب ص 55، 56؛ وعباس حسن: النحو الوافي 2/ 379؛ ومحمد العدناني: معجم الأخطاء الشائعة ص 218؛ وكتابنا: معجم الخطأ والصواب في اللغة ص 231، 233.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 66