responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 61
ولا يجوز مثل ذلك في المفعول، ومن ذلك أنهم قد قالوا: "كُنْتِيٌّ"، فنسبوا إلى "كُنْت"، قال الشاعر [من الطويل]:
19 - فأَصبَحْتُ كُنْتِيًّا وأصبحتُ عاجِنًا ... وشَرُّ خِصالِ المَرْءِ كُنْتُ وعاجِنُ (1)
فلو لم يكن الفعل والفاعل عندهم كالجزء الواحد، لَمَا جازت النسبة إليه، إذ الجُمَلُ لا يُنْسَب إليها، وقد قالوا: "لا تُحَبِّذْهُ بما لا ينفعه"، فاشتقّوا من الفعل والفاعل فعلًا لاتحادهما، فَبانَ بما ذكرناه أنّ الفعل والفاعل عندهم شيءٌ واحدٌ، فلذلك لمّا كان الفاعل في "أيُّ عبيدي ضربك" عامًّا، صار الفعل عامّا، ولمّا كان الفاعل في "أيُّ عبيدي ضربتَه" خاصًا, لأنّه كنايةٌ عن المخاطَب، صار الفعل خاصًّا، ولولا خَوْضُ هذا الإِمام في لُجَّةِ بَحْرِ هذا العلم النفيس، ورُسوخُ قَدَمِه فيه، لَمَا أَلَمَّ بفقه هذه المسألة ونظائرها، ممّا أَوْدعه كتابه، فجاحدُ فَضْلِ هذا العلم مكابِرٌ، والمنكِّبُ عنه خاسرٌ.
* * *
وقوله: "وما لهم لم يتراطنوا في مجالس التدريس، وحَلَقِ المناظرة، ثمّ نظروا هل تركوا العلم جَمالًا وأُبَّهةً؟ وهل أصبحت الخاصّةُ بالعامّة مشبَّهةً؟ وهل انقلبوا هُزْأَةً للساخرين، وضُحْكَةً للناظرين".
هذا "التراطُنُ": التكلُّم بكلام العجم، قال الشاعر [من الكامل]:
20 - أَصْوَاتُهُمْ كَتَراطُنِ الفُرْسِ (2)
و"مجالس التدريس": أَماكِنُه، وهو جمعُ "مَجْلِسٍ" لمكان الجلُوس، و"التدريسُ": مصدرُ "دَرَّسَ يُدَرِّسُ تدريسًا"، والتضعيفُ فيه للتعدية، تقول: "دَرَسْتُ العلمَ دَرْسًا، ودرّسته تدريسًا"، صار بالتضعيف يتعدّى إلى مفعولَين، وقيل: سُمّي "إِدْرِيسُ": "إِدريسَ" لكثرةِ دراسته كتابَ الله تعالى، وكان اسمُه "أَخْنُوخَ".
و"حَلَقُ المناظرة": الجماعة يجتمعون للمناظرة وغيرِها، قيل لهم ذلك لتحلُّقهم واستدارتهم، تشبيهًا بحَلْقَةِ الخاتم والدِّرعْ، يقال: "حَلْقَةٌ" بسكون اللام، والجمعُ:

(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب 13/ 277 (عجن)، 369 (كون)؛ ومجمل اللغة 23/ 450؛ والمخصص 13/ 646؛ وأساس البلاغة (كنت)؛ وتاج العروس 5/ 70 (كنت)، (عجن)؛ (كن). والكنتيّ: القويّ الشّديد. والعاجن: المُعتمدِ على الأرض. بِجُمعهِ إذا أراد النّهوضَ من كِبَرٍ أو بُدْنٍ.
(2) هذا عجزُ بيت صدره:
* فأثارَ فارطُهم غطاطًا جثَّما*
والبيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص 155 (طبعة مكس سلغسون)؛ ولسان العرب 13/ 181 (رطن)؛ وقال العروس (رطن)؛ وبلا نسبة في لسان العرب 7/ 362 (غطط)، 366 (فرط)؛ ومقاييس اللغة 2/ 404، 4/ 384؛ وتهذيب اللغة 13/ 331، 16/ 49.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست