اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 444
المعنى: كَفَاكَ، فكأنّه قال: "كفاك وزيدًا درهمٌ"، و"يُحْسِبُك وزيدًا درهمٌ". قال الشاعر [من الطويل]:
إذا كانتِ الهَيْجاءُ وانشَقَّتِ العَصَا ... فَحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّدُ (1)
فنصب "الضحّاك" لامتناعِ حَمْله على الضمير المخفوض، وكان معناه: يَكْفيك، ويكفي الضحّاكَ.
فصل
قال صاحب الكتاب: "وليس لك أن تجره حملاً على المكنى, فإذا جئت بالظاهر كان الجر الاختيار, كقولك: "ما شأن عبد الله وأخيه يشتمه" و"ما شأن قيسٍ والبر تسرقه"، والنصب جائز".
* * *
قال الشارح: قد تقدّم قولنا: إِنّ الجرّ لا يجوز حملًا على المضمر المجرور، نحوَ قولك: "ما لك وزيدٍ"، و"ما شأنُك وعمرٍو"؛ لأنّ العطف على المضمر المجرور لا يجوز إلّا بإعادة الخافض. ولذلك استضعفوا قِراءةَ حَمْزَة {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [2]. فحملها قومٌ على إضمار الجارٌ، كأنّه قال: وبالأرحام، ثمّ حذف الباءَ، وهو يريدها على حَدِّ ما رُوي عن رُؤْبَةَ أنّه قيل له: كيف أصبحتَ؟ فقال: "خَيْرٍ عافاك اللَّهُ"، يريد: بخير. وحملها قومٌ على القَسَم، كأنّه أقْسَمَ بالأرحام، لأنّهم كانوا يُعظِّمونها. كل ذلك لتعذُّرِ الحمل على المضمر المجرور، فإن جئتَ باسم ظاهر نحوِ قولك: "ما شأْنُ عبد الله وزيدٍ" و"ما لمحمّدٍ وعمرٍو" جاز الجرُّ والنصبُ، والجرُّ أجْودُ، لأنّه حملٌ على الظاهر، وليس فيه تكلُّفُ إِضمارٍ، ولا عُدولٌ عن الظاهر إلى غيره. والنصب جائزٌ وإن كان مرجوحًا, لأنّ المعنى يُعْطيه، وليس ثَمَّ مانعٌ منه، فاعرفْه مُوَفَّقًا.
فصل
قال صاحب الكتاب: "وأما في قولك: "ما أنت وعبد الله", و"كيف أنت وقصعةٌ من ثريدٍ"، فالرفع. قال [من الكامل]:
[يا زبرقان أخا بني خلفٍ] ... ما أنت ويب أبيك والفخر (3)
(1) تقدم بالرقم 263. [2] النساء: 1. وهي قراءة حمزة وقتادة والأعمش وغيرهم. انظر: البحر المحيط 3/ 157؛ وتفسير الطبري 7/ 517؛ والكشاف 1/ 241؛ والنشر في القراءات العشر 2/ 247؛ ومعجم القراءات القرآنية 2/ 104.
(3) تقدم بالرقم 172.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 444