responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 436
هذا المثل يُضرب لمن يَرْجُو نَجاحَ طَلبَتِه، وتَبيَّن له اليَأْسُ منها. والمرادُ أنّك تَسير سائرَ اليومِ، أي باقِي اليوم، مأخوذٌ من "السُّؤْر"، وهو البَقِيّةُ، ومنه الحديث: "إذا شرِبتم، فأسْئروا" [1]، أي: اتركُوا في الإناء بقيّةً، هكذا ذكره الفارابيُّ. ومن ذلك قولُهم: "حينئذٍ الآن"، فـ "حِين" ظرفٌ أُضيف إلى "إذ". وفيه لغتان: منهم من يَبْنِيه على الفتح، لإضافته إلى غيرِ متمكّن. ومنهم من يُعْربُه على الأصل، والتنوينُ فيه تنوينُ عِوَضٍ من الجملة التي حَقُّ "إذ" أن تُضاف إليها. و"الآن" ظرفٌ أيضًا، ولا بدّ لكلّ واحد منهما من عاملٍ، ولا عامِلَ في اللفظ، فكانا مقدَّرَيْن في النيّة. والتقديرُ: كان هذا حينئذٍ، واسْمَعِ الآنَ إليّ، كأنّ رجلاً سمِع آخَرَ يذكُر شيئًا في زمنٍ ماضٍ، لا يُهِمُّ، ولا يَعْنِي، فأراد أن يصرِفه عن ذلك، ويخاطِبه على ما يَعْنِيه، فقال: "حينئذٍ الآن"، كأنّه قال: "الذي تذكُر كان حينئذ، واسْمَعْ إليّ الآنَ". فـ "كان" تامّةٌ، وهي عاملة في "حينئذ"، و"اسمعْ" عاملٌ في "الآن"، ولا تكون "كان" عاملةً فيهما، لأن الفعل الواحد لا يكون له ظرفا زمانٍ. وقد شَبَّهَه سيبويه [2] بقولهم: "تَاللَّهِ رجلًا"، والمراد: ما رأيتُ رجلًا كرجلٍ أراه اليومَ، فأضافوا "الرجلَ" المرئيَّ إلى اليوم، فصار لفظُه كرجل اليوم، ثم حذفوا المضاف، وأقاموا المضاف إليه مُقامه
وممّا حُذف فيه عاملُ الظرف إذا شغلتَ الفعل عنه بضميره، نحو قولهم: "اليومَ سِرْتُ فيه"، و"أيومَ الجمعةِ ينطلق فيه عبدُ الله". والتقدير: سرتُ اليومَ سرتُ فيه، وأينطلق عبدُ الله يومَ الجمعة ينطلق فيه، لمّا شغلتَ الفعل عنه بضميره؛ لم يَصِل إلى هذا الظاهر، فأضمرتَ ناصبًا، صار هذا الفعلُ تفسيرًا له كما تقول: "زيدًا ضربتُه". فإذا كان الظرف متمكّنًا - وقد تقدّم وصفُ المتمكن- كان لك في نصبه وجهان على ما تقدّم: أحدهما أن تنصبه من طريق الظرف، وتنوي "في" مقدَّرة، والآخرُ أن تنصبه ولا تنوي "في". وهذا هو المفعول على سَعَة الكلام. وإذا شغلت الفعل عنه وقد قدّرته تقدير الظرف، قلت: "يومَ الجمعة قمتُ فيه". وإن كان بتقدير المفعول قلت: "قُمْتُهُ" من غيرِ "في". ومنه قول الشاعر [من الطويل]:
ويَوْمٍ شَهِدْناهُ (3)
والرفع جائزٌ، نحو "يومُ الجمعة القِتالُ فيه"، و"اليومُ سرتُ فيه"، واختِيرَ الرفع، والنصب هنا كاختياره في "زيدٌ ضربتُه". فكلُّ موضع يختار فيه الرفعُ هناك يختار فيه الرفع ها هنا. وكلُّ موضع يختار فيه النصب هناك يختار فيه النصب ها هنا، فاعرفه.

[1] ورد الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 327.
[2] الكتاب 2/ 293.
(3) تقدم بالرقم 258.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 436
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست