اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 434
أضافوا اسم الفاعل إلى الليلة كما تقول: "يا ضاربَ زيدٍ" فإذا أضفت لا يكون إلّا مفعولًا على السعة، وإذا قلت: "سَرَقَ عبدُ الله الليلةَ أهلَ الدار" جاز أن يكون ظرفًا، وجاز أن يكون مفعولًا على السعة. ومنه قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [1]، فـ "يوم الدين" ظرفٌ جُعل مفعولًا على السعة، ولذلك أُضيف إليه. ومثله قول الشاعر [من الرجز]:
260 - رُبَّ ابنِ عَمّ لسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ
جعله مفعولًا به حين أضاف إليه، ورُبّما نصبوا هنا الظرفَ وخفضوا الزاد، ويفصِلون بين المضاف، والمضاف إليه بالظرف على حدّ قوله [من السريع]:
لِلَّهِ دَرُّ اليومَ مَن لامَها (2)
وهذا الفصل إنّما يحسُن في الشعر، وهو قبيحٌ في الكلام - وأمّا قوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [3]، فإنّه أضاف المصدر إليهما، ويحتمِل ذلك أمرَيْن: أحدُهما أن يكون على إضافة المصدر إلى المفعول على حدّ قوله تعالى: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ} [4]. والمعنى: بسُؤاله نعجتك، فيكون التقدير: بل مكركم الليلَ والنهار، جعلهما مفعولَيْن على السعة، ثمّ أضاف إليهما. والأمر الثاني أن يكون جَعَلَ المكرَ لهما، لأنّه يكون فيهما كما يقال: "لَيْلٌ نائمٌ، ونهارٌ صائمٌ". جُعل ذلك لهما لحدوثه فيهما، فيكون [1] الفاتحة: 4.
260 - التخريج: الرجز للشماخ في ديوانه ص 389؛ ولجبار بن جزء في خزانة الأدب 4/ 233، 235 - 237، 239، 8/ 212، 213؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 13؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 167؛ وبلا نسبة في لسان العرب 11/ 447 (عسل)؛ ومجالس ثعلب 1/ 152.
اللغة: المشمعل: الجاد في أمره الماضي فيه. الكبرى: النعاس. الكسل: الكسلان.
الإعراب: "رب": حرف جر شبيه بالزائد. "ابن": اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًا على أنه مبتدأ. "عم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "لسليمى": جار ومجرور بالكسرة المقدرة متعلقان بصفة بـ "ابن" أو "عم". "مُشْمعل": صفة مجرورة لابن علي اللفظ، أو مرفوعة على المحلّ. "طباخ": صفة ثانية مجرورة وهو مضاف. "ساعات": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف. "الكرى": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة. "زاد": مفعول به لِـ "طباخ"، وهو مضاف "الكسل": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وسكّن لضرورة الشعر.
وجملة "رب ابن عم لسليمى": مع الخبر المحذوف: ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "طباخ ساعات الكرى زاد الكسل" حيث أضاف "طباخ" إلى "ساعات" على تشبيهه بالمفعول به.
(2) تقدم بالرقم 143. [3] سبأ: 33. [4] ص: 24.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 434