اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 423
وذلك نحو: قمتُ يومًا، وساعةً، وليلةً، وعِشاءً، ومساءً، وما أشبهَ ذلك من أسماء الزمان، نحو: السنَة، والشهْر، والدهْر.
واعلم أنّ الظرف في عُرْفِ أهلِ هذه الصِّناعة ليس كلَّ اسم من أسماء الزمان والمكان على الإطلاق، بل الظرفُ منها ما كان منتصبًا على تقديرِ "في" واعتبارُه بجَوازِ ظهورها معه، فتقول: "قمتُ اليومَ"، و"قمت في اليوم". فـ "في" مرادةٌ، وإن لم تذكرها. والذي يدلّ على ذلك أنّك إذا قلت: "اكْنِ عن اليومَ"، قيل: "قمت فيه". وكذلك سائرُ الظروف، وليس الظرفُ متضمِّنًا معنى "في" فيَجِبَ بناءُه لذلك، كما وجب بناءُ نحو"مَنْ"، و"كَمْ" في الاستفهام. وإنّما "في" محذوفةٌ من اللفظ لضرب من التخفيف، فهي في حكم المنطوق به. ألا ترى أنّه يجوز ظهورُ "في" معه، ولا يجوز ظهورُ الهمزة مع "مَنْ" و"كَمْ" في الاستفهام، فلا يقال: "أَمَنْ"، ولا: "أَكَمْ" وذلك من قِبَل أن "مَن" و"كَم"؟ لمّا تَضمَّنا معنى الهمزة، صارا كالمشتمِلَيْن عليها، فظُهورُ الهمزة حينئذ كالتكرار، وليس كذلك الظرفُ، فإن الظرفيّة مفهومةٌ من تقدير "في"، ولذلك يصحّ ظهورُها، فاعرِف الفرقَ بين المتضمّنِ للحرف، وغير المتضمِّن له بما ذكرتُه.
والظرف ينقسم إلى مبهَم وموقَّت، والمراد بالمبهم النكرةُ التي لا تدّل على وقت بعينه، نحو: حينٍ، ووَقْتٍ، وزَمانٍ، ونحو ذلك. والمرادُ بالموقّت ما دلّ على زمانٍ بعينه مخصوصٍ، نحو: اليوم، والليلة، ويومِ الجُمْعة، وشهرِ رَمَضانَ، وشهرِ المحرَّم.
وهو ينقسم قسمَيْن: قسمٌ يُستعمل اسمًا وظرفًا، وقسمٌ لا يُستعمل إلّا ظرفًا لا غيرُ. فالأوّلُ كلُّ متمكِّن من الظروف من أسماءِ السنين، والشهورِ، والأيامِ، والليالي ممّا يتعاقب عليه الألفُ واللام، والإضافةُ من نحو: سَنَة، وشَهْر، ويوم، وليلة. فهذا يجوز أن تستعمِله اسمًا غيرَ ظرف، فترفعَه، وتَجُرَّه، ولا تقدِّرَ معه "في"، نحوَ: "اليومُ طَيبٌ" و"السنةُ مباركَةٌ"، و"أَعْجبني اليومُ"، و"عجبتُ من يومِك"، فتُجريها مُجرى سائرِ الأسماء ويجوز أن تنصبها على الظرف، فتقول: "صُمْتُ اليومَ" و"قدِمتُ السنةَ". فهذا مقدَّرٌ بـ "فِي"، والتقديرُ: "صمتُ في اليوم"، و"قدمتُ في السنة"، فكلُّ اسم من أسماء الزمان لك أن تجعله اسمًا وظرفًا، إلّا ما خَصَّتْه العربُ بالظرفية، ولم تستعمله مجرورًا، ولا مرفوعًا، وذلك يؤخَذ سَماعًا عنهم.
والقسم الثاني هو ما لا يُستعمل إلّا ظرفًا، وذلك ما لزم النصبَ لخُروجه عن التمكّن بتضمُّنه ما ليس له في الأصل، فمن ذلك "سَحَرَ"، و"سُحَيرًا" إذا أردت به سحرَ يومك، فإنّه غيرُ متصرِّفٍ، ولا منصرفٍ، والذي مَنَعَه من الصرف أنّه معدولٌ عن الألف والسلام معرفةً. ومعنى ذلك أنّه إذا أردت به سحر يومك الذي أنت فيه، فتَزِيد فيه الألف واللام للتعريف، ثمّ غُيّر عن لفظِ ما فيه الألفُ واللام مع إرادةِ معناهما، كما عُدل
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 423