اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 411
فلا بدّ من أن يكون الفعلُ بعدها مقدّرًا مرفوعًا كان أو منصوبًا. تقول: "إذا زيدٌ جلسَ أجلس" تقديرُه: إذا جلس زيد جلس. ويدلّ على ذلك أنّه لا بدّ من وقوعِ فعل بعد ذلك الاسم. ألا تراك لو قلت: "أجلس إذا زيدٌ جالسٌ " لم يجز، ويجوز ذلك مع "حيث".
* * *
قال صاحب الكتاب: وبعد حرف النفي, كقولك: "ما زيدًا ضربته". وقال جرير [من الوافر]:
فلا حسبًا فخرت به لتيمٍ ... ولا جدًّا إذا ازدحم الجدود (1)
* * *
قال الشارح: ومن ذلك النفيُ إذا وقع الاسمُ بعد حرف نفي، وكان بعده فعلٌ واقعٌ على ضميره، أو على ما هو متّصِلٌ بضميره، فالاختيارُ فيه النصبُ، نحو: "ما زيدًا لقيتُه، ولا زيدًا قتلتُه"، و"ما زيدًا لقيت أباه، ولا عمرًا مررت به". وإنّما صار النصبُ هنا مختارًا لشبه حروف النفي بحروف الاستفهام، وحروفِ الجزاء، وحروفِ الأمر والنهي. ووجهُ الشبه أن ما بعد النفي غيرُ واجب كما أن ما بعد كل واحد من هذه الأشياء كذلك.
فالحال بين النصب والرفع متقارِبٌ، فقولُك: "ما زيدًا ضربتُه" أقوى من قولك: "ما زيدٌ ضربته" بالرفع. والنصبُ فيه أضعفُ من النصب بعد حروف الاستفهام، وحروفِ الجزاء. والرفعُ فيه أقوى من الرفع في قولك: "أزيدٌ ضربتَه؟ " لشَبَهِ النفي بالابتداء، ولذلك كان فَرْعًا ومحمولًا على غيره في النصب. وشَبَهُه بالابتداء أنّه نقيضُ المبتدأ ونفيٌ له. والنفيُ يجري مجرى الإيجاب، ألا ترى أنّك إذا قلت: "قام زيدٌ" فنفيُ هذا أن تقول: "ما قام زيدٌ" فترُدّ الكلامَ على لفظه، فشَبَهُه بالمبتدأ أنّك ترُدّ فيه لفظَ المبتدأ؟ قال الشاعر [من الوافر]:
فلا حسبًا فخرت به ................................... إلخ
فنَصَبَه بإضمارِ فعل تقديرُه: فلا ذكرتُ حسبًا فخرتَ به. وأجاز يونسُ أن تكون الفتحةُ في قوله: "فلا حسبًا" فتحة بناءٍ بمنزلةِ "لا رجلَ في الدار"، ونَوَّنَه للضرورة. البيت لجَرِير يهجو عمر بن لَجأٍ، وهو من تَيْمِ عَدِيّ، يقول: لم تكتسِب لهم حَسَبًا يفخَرون به، ولا لك جَدٌّ تُعوَّل عليه عند ازدحام الناس للمفاخرة، أي: ليس لك قديمٌ ولا حديثٌ. ومثلُه [من الطويل]:
247 - فلا ذا جَلالٍ هِبْنَه لجَلالِه ... ولا ذا ضَياعٍ هُنَّ يَتْرُكْنَ للفَقْر
(1) تقدم بالرقم 152.
247 - التخريج: البيت لهدبة بن الخشرم في ديوانه ص 97؛ وخزانة الأدب 9/ 337؛ وشرح أبيات =
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 411