اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 408
الاسم. لأنّ السؤال إنّما يكون عمّا وقع الشكُّ فيه، وأنتَ إنّما تشُكّ في الفعل لا في الاسم، ألا ترى أنّك إذا قلت: "أزيدًا ضربتَه"، فإنّما تشكّك في الضرب الواقع بزِيد، ولستَ تشك في ذاته، فلمّا كان حرفُ الاستفهام إنّما دخل الفعلَ لا الاسمَ، كان الأوْلى أن يَلِيه الفعلُ الذي دخل من أجله. وإنّما دخل على الاسم، ورُفع الاسم بعده بالابتداء، لأنّ المبتدأ والخبر قبل دخول الاستفهام يُوجِب فائدةً، فإذا استفهمتَ، فإنّما تستفهِم عن تلك الفائدة، فاعرفه.
وأمّا "السوطَ ضُرب به زيدٌ؟ "، و"الخِوانَ أُكل عليه اللحمُ؟ "، و"أزيدًا سُمّيت به؟ "، فإنّ الاختيار في "السوط" و"الخوان" و"أزيدًا" النصبُ، وذلك أنّك إذا قلت: "ضُرب زيد بالسوط"، و"أكل اللحم على الخِوان"، و"سُمّيت بزيدٍ"، فهذه الحروفُ الجارّةُ مع ما يَلِيها من المجرورات في موضع نصب. وذلك أنّك أقمتَ الاسم مقامَ الفاعل، فصار الجارُّ والمجرور في موضع نصب، وحلَّ محلّ قولك: "مَرَّ زيدٌ بعمرٍو"، و"نزل زيدٌ على خالدٍ". فلمّا اتّصلت حروفُ الجرّ بكناياتِ هذه الأسماء، وقد تقدّمتِ الأسماءُ، وجب أن تنصبها، لأن الحروف التي اتّصلت بكناياتها في موضع نصب، فصار بمنزلةِ "أزيدًا مررتَ به".
والذي يدلّ على أن موضع هذه الحروف نصبٌ أنّك لو حذفتها، وكان الفعلُ ممّا يتعدّى بنفسه، لم تكن الأسماءُ الأوُلى إلّا منصوبةً، وذلك نحو"السوطَ ضُرب؟ "، و"الخوانَ أُكل؟ "، و"أزيدًا سُمّيتَ؟ " لو كان يُتكلّم به، لم يكن إلّا كذلك؛ لأنّ الفعل الواحد لا يرفع اسمَين، فإذا رفعتَ أحدَهما، فلا بدّ من نصب الآخر.
وأمّا قولهم: "أزيدًا أنتَ محبوسٌ عليه؟ "، و"أزيدًا أنت مكابرٌ عليه؟ " فيختار فيهما النصب لمكانِ همزة الاستفهام. وذلك لمّا كان اسمُ الفاعل واسمُ المفعول يجريان مجرى الفعل في عَمَله، فقولُك: "أزيدًا أنت ضاربُه؟ " بمنزلة قولك: "أزيدًا أنت تضربه؟ "، و"أزيدًا أنت مضروبٌ به؟ " بمنزلةِ "أزيدًا أنت تُضْرَب به؟ "، فكما تفسِّر قولك: "أزيدًا أنت تضربه؟ " بالفعل الناصب، فكذلك تفسّر باسم الفاعل في قولك: "أزيدًا أنت ضاربُه؟ ", لأنه في معناه. والنيّةُ التنوين والانفصال، فالضميرُ، وإن كان مجرورًا في اللفظ، فهو منصوب في الحكم كما كان "أزيدًا مررت به؟ ". كذلك "كيف" وأبو الحسن يذهب إلى أن الضمير في موضع منصوب ألبتّة.
وكذلك إذا قلت: "أزيدًا أنت محبوسٌ عليه؟ "، و"أزيدًا أنت مكابرٌ عليه؟ "، فـ "محبوسٌ"، و"مكابرٌ" من أسماء المفعولين الجارية مجرى الفعل. فـ "محبوسٌ" في معنى "تُحْبَس"، و"مكابرٌ" في معنى "تُكابَر"، فلذلك جاز نصبُ "زيد" فيهما بفعلٍ يفسِّره "محبوس"، و"مكابر". كأنّك قلت: " أتنتظِر زيدًا أنت محبوسٌ عليه؟ "، و"أشَكَيْتَ زيدًا
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 408