responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 398
الليل، وأهلَ النهار"، أي: تأتي من يكون لك كالأهل بالليل والنهار، فاعرفه.

فصل
قال صاحب الكتاب: "ويقولون الأسد الأسد والجدار الجدار والصبي الصبي, إذا حذروه الأسد والجدار المتداعي, وإبطاء الصبي. ومنه أخاك أخاك أي: الزمه، والطريق الطريق أي: خله, وهذا إذ ثني لزم إضمار عامله, وإذا أفرد لم يلزم".
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ هذا الضرب ممّا ينتصب على إضمارِ الفعل المتروكِ إظهاره، وذلك قولك في التحذير: "الأسدَ الأسدَ"، و"الجِدارَ الجدارَ"، و"الصبيَّ الصبيَّ" و"الطريقَ الطريقَ"، إذا كنتَ تُحذَّره من الأسد أن يُصادِفه، ومن الجدار المتداعِي أن يقرُب منه لئلا يقع عليه، أو ينالَه، ومن الصبيّ أن يَطَأَه إذا كان في طريقه وهو غافلٌ عنه، ومن الطريق المخوف أن يمُرّ فيه.
وكذلك قالوا في الإغراء: "أخاك أخاك"، وانتصابُ هذه الأسماء بفعل مضمر تقديرُه: اتَّقِ الأسدَ أن يصادفك، واتّقِ الجدارَ أن ينالك، وجانِبِ الصبيَّ لئلاّ تطأَه، وخَلِّ الطريقَ، والْزَمْ أخاك. فحُذفت هذه الأفعال لكثرتها في كلامهم ودلالةِ الحال، وما جرى من الذكر عليها. فإذا كرّروا هذه الأسماءَ، لم يجز ظهورُ هذه الأفعال العوامِل فيها، لأنّ المفعول الأول لمّا كُرّر شُبّه بالفعل فأَغنى عنه، وصار بمنزلةِ "إيّاك" النائب عن الفعل، كما كانت المصادرُ كذلك في قولهم: "الحَذَرَ الحذَرَ"، و"النَّجاءَ النجاءَ". جعلوا الأولَ بمنزلةِ "الْزَمْ" و"عَلَيْكَ" ونحوِه من تقدير الفعل، ويقبحُ دخولُ فعل على فعل.
فلو أفردتَ جاز ظهورُ العامل، فإذا قلت: "الأسدَ الأسدَ" لم يجز أن تقول: "اتّقِ الأسدَ الأسدَ"، أو"جانِبْ". ولو أفردتَ، فقلت: "الأسدَ" جاز ظهورُ الفعل، فتقول: "حاذِرِ الأسدَ" أو "اتّقِ الأسدَ". وكذلك إذا قالوا "الصبيَّ الصبيَّ"، لم يجز أن تقول: "باعِدِ الصبيَّ الصبيَّ"، أو"جانِبِ الصبيَّ الصبيَّ". وإذا أفردتَ جاز أن تقول ذلك، ولا تقول: "خَلِّ الطريقَ الطريقَ"، وإذا قلتَه مفردًا، حسُن أن تقول: "خلّ الطريقَ". قال الشاعر [من البسيط]:
243 - خَلّ الطريقَ لِمَن يَبْنِي المَنارَ به ... وابْرُزْ ببَرْزَةَ حَيْثُ اضطَّرَّكَ القَدَرُ

243 - التخريج: البيت لجرير في ديوانه 1/ 211؛ وشرح التصريح 2/ 195؛ والصاحبي في فقه اللغة ص 186؛ ولسان العرب 5/ 310 (برز)؛ والمقاصد النحوية 4/ 307؛ وبلا نسبة في الرد على النحاة ص 75؛ وشرح الأشموني 2/ 481.
اللغة: خلّ: دع. الطريق: سبيل المجد. المنار: ما يهتدى به على الطريق. ابرز: اظهر. برزة: اسم أم عمر بن لجأ. =
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 398
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست