اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 383
وتقول فيما كان في آخره ياءَا النسبة: "يا طائِفِ"، و"يا بَصْرِ"، ترخيمَ "طائفيّ"، و"بصريّ" عَلَمَيْن. تحذف الحرفَيْن معًا، لأنّهما زائدان زَيْدًا معًا، لمعنًى واحد، فنزلا منزلةَ الزيادة الواحدة، فلمّا زِيدَا معًا حُذفَا معًا.
وأمّا الثاني: ممّا يُحذف منه حرفان في الترخيم، وذلك ما كان آخِرُ الاسم منه حرفًا أصليًّا، وقبله حرفُ مَدٍّ زائدٌ، فإنّك تحذف الأصل، وما قبله من الزائد معًا، وتُجريهما معًا مُجْرَى الزائدَيْن، إذا بقي بعد حَذْفهما ثلاثةُ أحرف، نحوَ "عَمّار"، و"منصور"، و"مسْكِين"، وتقول: "يا مَنْصُ"، و"يا عَمَّ"، و"يا مِسْكِ". وذلك لأنّهما جريا مجرَى الزائدَيْن. وذلك من حيثُ أن الأصل يُحذف للترخيم، لأنّه طَرَفٌ كما يُحذف الزائد الثاني من "مروان" ونحوه، وقبلَه حرفُ مدّ كما كان قبل النون في "مروان" كذلك، فقد سَاوَى الأصلُ والزائدُ قبله الزائدَيْن من الجهة المذكورة، فجريا في الحذف مجراهما.
ولو كان قبل الحرف الأصليّ زائدٌ غيرُ مَدّة، لم يُحذف لمفارقته الزائدَ الأوّلَ في "مَروانَ"، و"حَمْراء". وذلك لو سمّيت بـ "سِنوْرٍ"، و"بِرْذَوْنٍ"، لقلت فيمن قال: "يا حارِ" بالكسر: "يا سِنَّوْ أقبلْ" و"يا بِرْذَوْ أقبلْ" وعلى قولِ من قال: "يا حارُ" بالضمّ: "يا سِنا"، و"يا بِرْذَا"، فقلبتَ الواوَ ألفًا لتحرُّكها وانفتاحِ ما قبلها.
وأمّا المركّب فأمرُه في الترخيم كأمرِ تاء التأنيث: تحذف الكلمة التي ضُمّت إلى الصدر رأسًا، كما تحذف تاءَ التأنيث، فتقول في "بُخْتَ نَصَّرَ" اسمِ رجل: "يا بُخْتَ"، بحذفِ الاسم الأخير لا غيرُ، كما تقول في "مَرْجانَةَ" اسمِ امرأة: يا "مَرْجانَ"، فلا تزيد على حذفِ التاء، وفي "حَضْرَمَوْتَ": "يا حَضْرَ"، وفي "مَار سَرْجِسَ": "يا مارَ"، وفي "عَمْرَوَيْهِ": "يا عَمْرَ"، وفي "سِيبَوَيْهِ": "يا سِيبَ"، وفي المسمّى بـ "خَمْسَةَ عَشَرَ": "يا خمسةَ". جعلوا الاسمَ الآخِرَ بمنزلة الهاء في نحوِ "تَمْرَةٍ"، إذ كان حكمُ الاسم الآخر كحكم الهاء في كثير من كلامهم.
ومن ذلك التصغير، فإنّه إذا جُعل الاسمان اسمًا واحداً، ولحقه التصغيرُ، فإنّه إنّما يصغَّر الصدر منهما، ثمّ يُؤْتَى بالاسم الثاني بعد تصغير الصدر كما يصغَّر ما قبل هاء التأنيث، فتقول: "حُضَيْرَمَوْتُ"، و"بُعَيْلَبَكُّ"، و"عُمَيْرَوَيْهِ" كما تقول "تُمَيْرَة" و"طُرَيْقَةٌ".
ومن ذلك النسَبُ، فإنّك تقول في النسب إلى "حضرموت": "حَضْرِيٌّ"، وإلى "مَعْدِيكَرِبَ": "مَعْديّ"، كما تقول في النسب إلى "البَصْرَة": "بَصْريّ"، وإلى "مَكَّةَ": "مَكىٌّ"، فيقع النسبُ إلى الصدر لا غيرُ، كما يكون كذلك فيما فيه الهاء.
وممّا يؤيد عندك ما ذكرناه أنّ هاءَ التأنيث لا تُلْحِق بناتِ الثلاثة بالأربعة، ولا بناتِ
= والشاهد فيه قوله: "يا أسم" وأصله "يا أسماء" حيث رخّمه بحذف الهمزة من آخره، وحذف الألف التي قبلها، لأن قبله ثلاثة أحرف.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 383