responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 377
ككثرته لِما تقدّم من أنّه كاسمٍ ضُمَّ إلى اسم، ولأنّ تاءَ التأنيث تُبْدَل هاءً في الوقف أبدًا مطّرِدًا، ودخولُها الكلامَ أكثرُ من دخولِ ألفَي التأنيث، لأنّها قد تدخل في الأفعال الماضية للتأنيث، نحوِ: "قامتْ هندُ". وتدخل المذكرَ توكيدًا، ومبالغةً نحوَ: "عَلامةٍ"، و"نَسّابةٍ". فلمّا كانت الهاء كذلك، ساغ حذفُها، وكان أوْلى لِما يحصُل بذلك من الخفّة مع عدم الإخلالِ ببنيةِ الكلمة، لأن التغيير اللازم لها من نَقْلها من التاء إلى الهاء يُسهّل تغييرَها بالحذف، لأنّ التغيير مُؤنسٌ بالتغيير.
فإذا كانت في الكلمة لم يحذفوا غيرَها، قلّت حروفُها أو كثُرت، شائعًا كان، أو خاصًّا. تقول في الخاص: "يا سَلَمَ أقبلْ"، وفي "مَرْجانَةَ": "يا مرجانَ أقبلي"، وفي النكرة قالوا: "يا عاذِلَ أقبلىِ"، يريدون: عاذلةُ، وقالوا: "يا جاريَ"، يريدون "يا جارِيةُ"، قال العَجَّاج [من الرجز]:
جارِيَ لا تستنكري عَذِيري (1)
أراد: يا جاريةُ.
وقالوا: "يا ثبَ" في "يا ثُبَةُ"، وهي الجماعةُ.
وقالوا: "يا شَا ارْجُنِي"، وهو زَجْرٌ لها عن السرْح والانبعاثِ، ومعناه: أقيمي في البيت. وقولهم هُنَا "يا شَا" إنّما هو على لغةِ من قال "يا حارِ" بالكسر، فأمّا من قال: "يا حارُ" بالضم، فقياسُه "يا شاهُ"، برَدّ الهاء التي هي لامٌ بعد حذفِ تاء التأنيث، لئلا يبقى الاسمُ على حرفَين، الثاني منهما حرفُ مَدّ، وهو عديمُ النظير.
واعلم أنّهم قد قالوا "يا صاح"، وهم يريدون: "يا صاحبا".
وقالوا: "أطْرِقْ كَرَا"، وهم يريدون: "كَرَوانًا"، فرُخّم على لغةِ من قال: "يا حارُ" بالضمّ، كأنه حذف الألفَ والنونَ، وبقيت الواوُ، وحقُّها الضمّ، فقُلبت ألفّا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها. ولو كان على لغةِ من قال: "يا حارِ" بالكسر لَقال: "يا كَرَوَ" بفتح الواو، لأنّ المحذوف مرادٌ، وفي الجملة ترخيمُ هذَيْن الاسمَيْن شاذٌّ قياسًا واستعمالاً. فالقياسُ لِما ذكرناه من أنّ الترخيم بابُه الأعلامُ، وأمّا الاستعمال فظاهرٌ لقلّةِ المستعملين له، ففي قولهم: "يا صاح" شذوذٌ واحدٌ، وهو ترخيمُ النكرة، وليس فيها تاءُ التأنيث. وفي قولهم: "أطرقْ كَرًا" شَذوذٌ من جهتَيْن:
أحدُهما: حذفُ حرف النداء منه، وهو ممّا يجوز أن يكون وصفًا لـ "أيّ"، نحوَ: يا أيها الكروانُ.
والوجهُ الثاني: أنّه رخّمه وهو نكرةٌ ليس فيه تاءُ تأنيث، وذلك معدومٌ، فاعرفه.
* * *

(1) تقدم بالرقم 223.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست