اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 343
قال الشارح: قد تقدَّم قولنا: إنّ حروف النداء لا تجامِع ما فيه الألف واللام، وإذا أُريد ذلك، تُوُصّلَ إليه بـ "أيٍّ" و"هذَا"، والعلّةُ في ذلك أمران:
أحدُهما: أن الألف واللام تفيدان التعريفَ، والنداءُ يُفيد تخصيصًا، وإذا قصدتَ واحدًا بعينه، صار معرفة كأنّك أشرفَ إليه، والتخصيصُ يُفيد من التعريف، فلم يُجْمَع بينهما لذلك, لأن أحدهما كافٍ، وصار حرفُ النداء بدلاً من الألف واللام في المنادى، فاستُغني به عنهما، وصارت كالأسماء التي هي للإشارة نحوِ "هذَا" وشِبْهِه.
الثاني: أن الألف واللام تفيدان تعريفَ العَهْد، وهو معنى الغَيْبة، وذلك أنّ العهد يكون بين اثنَيْن في ثالثٍ غائبٍ، والنداءُ خطابٌ لحاضرٍ، فلم يُجْمَع بينهما لتَنافي التعريفَيْن.
فإن قيل فأنتم تقولون: "يا هذا"، و"هذَا" معرفةٌ بالإشارة وقد جمعتم بينه وبين النداء، فلِمَ جاز ها هنا ولم يجز مع الألف واللام؟ وما الفرقُ بين الموضعَيْن؟ فالجوابُ عنه من وجهَيْن:
أحدُهما: أنّ تعريفَ الإشارة إيماءٌ، وقصدٌ إلى حاضرٍ لِتُعَرِّفَه لحاسّةِ النَّظَر، وتعريفَ النداء خطابٌ لحاضر، وقصدٌ لواحد بعينه، فلتقارُبِ معنى التعريفَيْن صارا كالتحريف الواحد، ولذلك شبّه الخليلُ تعريفَ النداء بالإشارة في نحوِ "هذا" وشِبْهِ, لأنّه في الموضعَيْن قصدٌ وإيماءٌ إلى حاضر.
والوجه الثاني: وهو قولُ المازني أنّ أصلَ "هذا" أن يُشير به الواحدُ إلى واحد، فلمّا دعوتَه، نزعتَ منه الإشارةَ التي كانت فيه، وألزمتَه إشارةَ النداء، فصارت "يَا" عِوَضًا من نَزْعِ الإشارة. ومن أجلِ ذلك لا يُقال: هذا أقْبِلْ بإسقاطِ حرف النداء، فأمّا قولهم: "يا أللهُ" فإنّما جاز نداؤُه، وإن كان فيه الألف واللام، من قِبَل أنّه تلزَمه الألفُ واللامُ، ولا تُفارِقانه، وتنزِلان منه بمنزلةِ حرف من نفس الاسم، وأصلُ اسم الله تعالى- واللهُ أعلمُ- "إلهٌ"، ثم دخلت عليه الألفُ واللامُ، فصار "الإله"، ثم تُخفَّف الهمزة التخفيفَ
= فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. "قلبي": مفعول به منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل الياء، والياء: ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "وأنت": الواو: حالية، و"أنت": ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ. "بخيلة": خبر مرفوع بالضمّة. "بالوصل": جار ومجرور متعلّقان بالخبر. "عني": جار ومجرور متعلقان بالخبر.
وجملة "من أجلك مقاساتي": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تيّمت قلبي" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "أنت بخيلة": في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "يا التي" حيث دخلت "يا" على "التي"، ودخول حرف النداء على ما فيه "أل" لا يجوز عادة إلا على لفظ الجلالة، ودخولها هنا شاذ للضرورة.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 343