اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 316
قال الشارح: اعلم أنّ المنادَى عند البصريين أحدُ المفعولات، والأصلُ في كلّ منادى أن يكون منصوبًا، وإنّما بنوا المفردَ المعرفةَ على الضّم لعلّةٍ نذكرها، والذي يدلّ على أنّ الأصل في كل منادى النصبُ قولُ العرب: "يا إيّاك" لما كان المنادى منصوبًا، وكنُّوا عنه؛ أتوا بضمير المنصوب، هذا استدلالُ سيبويه.
وقد قالوا: "يا أَنْتَ" أيضًا، فكنوا عنه بضمير المرفوع نَظرًا إلى اللفظ، كما قالوا: "يا زيدُ الظريفُ". فأتبعوا النعتَ على اللفظ. قال الشاعر [من الرجز]:
185 - يا مُرَّ يا ابنَ واقع يا أَنتَا ... أنْتَ الّذي طلّقتَ عامَ جُعْتَا
فإذا قلت: "يا إيّاك"، كان تقديرُه: يا إيّاك أعني.
ومن قال: إنّ "إيّاك" مضافٌ على ما يشرح في موضعه، قال: لم ينصب "أنت" لأنه مفرد، ونصب "إِياك" لأنه مضاف. وممّا يدلّ على أنّ أصلَ المنادى النصبُ؛ نَصبُهم المضافَ في قولهم: "يا عبدَ الله"، والمشابِهَ له من نحو "يا خيرًا من زيد"، والمنكورَ من نحو "يا رجلاً"، و"يا راكبًا". والناصبُ له فعلٌ مضمرٌ تقديرُه: أُنادِي زيدًا، أو أُريد، أو أَدْعو، أو نحو ذلك. ولا يجوز إظهارُ ذلك، ولا اللفظ به, لأن "يا" قد نابت عنه؛ ولأنّك إذا صرّحتَ بالفعل، وقلتَ: "أُنادي"، أو"أريد"، كان إخبارًا عن نفسك، والنداءُ
= وجملة "فيا راكبًا": بحسب ما قبلها. وجملة "فبلّغن": في محل جزم جواب الشرط. وجملة "لا
تلاقيا": في محل رفع خبر "أن" المخففة.
والشاهد فيه قوله: "فيا راكبًا" حيث نصب المنادى لأنه نكرة. والفراء والكسائى لا يجيزان ذلك إلا
أن يكون وصفًا لموصوف مقدّر، أو لكونه معرفة، أمّا البصريون فلا يرون بأسًا في ذلك.
185 - التخريج: الرجز للأحوص في ملحق ديوانه ص 216؛ وشرح التصريح 2/ 164؛ والمقاصد النحوية 4/ 232؛ ولسالم بن دارة في خزانة الأدب 2/ 139، 143، 146؛ والدرر 3/ 27؛ ونوادر أبي زيد ص 163؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 325؛ وسرّ صناعة الإعراب 1/ 359؛ وشرح الأشموني 2/ 443؛ وشرح عمدة الحافظ ص 301؛ والمقرب 1/ 76؛ وهمع الهوامع 1/ 174.
الإعراب: "يا": حرف نداء. "مرّ": منادى مبنيّ على الضمّ المقدَّر على التاء المحذوفة للترخيم في محلّ نصب. "يا": حرف نداء. "ابن": منادى منصوب وهو مضاف. "واقع": مضاف إليه مجرور. "يا": حرف نداء. "أنتا": منادى مبني في محل نصب، والألف: للإطلاق. "أنت": ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. "الذي": اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ. "طلّقت": فعل ماضٍ، والتاء: ضمير في محل رفع فاعل. "عامَ": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ "طلّقت". "جعتا": فعل ماضٍ، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "أنت"، والألف: للإطلاق.
وجملة النداء "يا أبجر": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء الثانية "يا ابن واقع": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وكذلك جملة "يا أنتا". جملة "أنت الذي ... ": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "طلقت": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "جعتا": في محل جرّ بالإضافة.
والشاهد فيه قوله: "يا أنتا" حيث كَنى عن المنادى بضمير الرفع نظرًا إلى اللَّفْظ.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 316