responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 261
على تقديرِ: يا ليت لنا أيّامَ الصبا رواجعا، فيكون "أيام الصِّبا" اسمَ "لَيْتَ" والخبرُ الجارُّ والمجرورُ المقدَّرُ، و"رواجعا" حالٌ، وتنوينُه ضرورةً. وقيل: تقديرُه: أقبلتْ رواجعا، فيكون "أقبلت" الخبرَ، و"رواجعا" أيضًا حالٌ. وكان بعضُهم ينصب الاسمَ والخبرَ بعد "لَيْتَ" تشبيهًا لها بـ"ودِدْتُ" و"تَمَنَّيْتُ", لأنّها في معناهما، وهي لغةُ بني تَمِيم. يقولون: "ليت زيدًا قائمًا" كما يقولون: "ظننتُ زيدًا قائمًا". وعليه الكوفيون. والأوّلُ أقْيسُ، وعليه الاعتمادُ، وهو رأيُ البصريين.
فأمّا ما حُكي عن عمر بن عبد العزيز، فالخبرُ محذوفٌ، أي: فإنّ ذاك مصدَّقٌ، ولعل مطلوبَك حاصلٌ، فإنّما ساغ حذفُ الخبر ههنا، وإن لم يكن ظرفًا لدليلِ الحال عليه كما يُحْذَف خبرُ المبتدأ عند الدلالة عليه، نحوَ قولك: "مَن القائمُ؟ " فيقال: "زيدٌ"، أي: زيدٌ القائمُ، والجيّدُ أن يقدر المحذوفُ ظرفًا، نحوَ: "إنّ لك ذاك" أي: حَق القَرابة، و"لعلّ لك ذاك"، فالمعنى واحدٌ إلَّا أنه من جهةِ اللفظ جارٍ على منهاجِ القياس.
* * *
وقوله: "متّ عليه بقرابة" المَتُّ: المَدُّ، والمراد تَدلَّى إليه بقَرابةٍ، والمَواتُّ الوَسائلُ.
قال: وقَدُ التُزم حذفُه في قولهم: "لَيْتَ شِعْرِي". يجوز في "قَدُِ" الكسرُ والضمُّ. فالكسرُ أجْودُ لأنه الأصلُ في التقاء الساكنَيْن، والضمُ للإتباع لثِقَلٍ الخُروج مِن كسر إلى ضمّ من نحوِ: {وَعَذَابٍ ارْكُضْ} [1]، {وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا} [2]، والمراد: قد التُزم حذفُ الخبر، وذلك أن "شِعْرِي" مصدرُ "شَعَرْتُ أشْعُرُ شِعْرًا وشِعْرَة" إذا فطن وعلِم، ولذلك سُمّي الشاعر شاعرًا, لأنه فطن لِما خَفِيَ على غيره، وهو مضافٌ إلى الفاعل. فقولُك: "ليت شعري" بمعنَى: ليت عِلْمي. والمعنى لَيْتَنِي أشْعُرُ. فَـ"أَشْعُرُ" هو الخبرُ، وناب "شعري" الذي هو المصدر عن "أَشْعُرُ". ونابت الياءُ في "شعري" عن اسم "لَيتَ" الذي في قولك: "لَيتَنِي".
و"أشْعُرُ" من الأفعال المتعدّية، وقد يُعلَّق عن العمل، فيقال: "ليت شعري أزيدٌ قام أم عمرٌو" ومعنَى التعليق إبطالُ عَمَله في اللفظ وإعمالُه في الموضع، فيكون موضعُ الاستفهام وما بعده نصبًا بالمصدر، فهو داخلٌ في صلته. وقيل: الخبرُ محذوفٌ، وقد ناب معمولُ المصدر عن الخبر، فلم يُظْهِروا خبرَ "ليت" ههنا لسَدّ معمولِ المصدر مَسَدّه, وصار ذلك كقولهم: "لولا زيد لأكرمتُك" في حذفِ الخبر لسَدّ جوابِ "لولا" مسدّه. وقالوا: "ليت شعري زيدٌ عندك أم عند عمرو". رفعوا "زيدًا"، ولم يُعْمِلوا فيه ألمصدَر لأنّه داخلٌ في الاستفهام، وقيل: إنّ الجملة بعد "شعري" في موضع الخبر. والأوّلُ أقْيسُ لعدمِ العائد من الجملة، فاعرفه.

[1] ص: 41 - 42.
[2] الحجر: 45 - 46.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست