responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 255
قياسه في تقديمِ المرفوع على المنصوب، إذ كان رُتْبَةُ الفاعل مقدّمةً على المفعول. وهذه الحروفُ لما كانت في العمل فُروعًا على الأفعال ومحمولة عليها، جُعلتْ دونها بأنّ قُدّم المنصوب فيها على المرفوع حَطّا لها عن درجةِ الأفعال، إذ تقديمُ المفعول على الفاعل فرعٌ، وتقديمُ الفاعل أصلٌ على ما ذُكر.
وذهب الكوفيون إلى أن هذه الحروف لم تعمل في الخبر الرفعَ، وإنّما تعمل في الاسم النصبَ لا غيرَ، وإنما الخبرُ مرفوعٌ على حاله كما كان مع المبتدأ. وهو فاسدٌ، وذلك من قِبَل أن الابتداء قد زال، وبه وبالمبتدأ كان يرتفع الخبرُ، فلمّا زال العاملُ، بطل أن يكون هذا معمولًا فيه، ومع ذلك فإنّا وجدنا كلَّ ما عمِل في المبتدأ عمِل في خبره، نحوَ: "ظننتُ" وأخواتِها، لمّا عملتْ في المبتدأ عملت في الخبر، وكذلك "كَانَ" وأخواتُها لمّا عملت في المبتدأ عملت في الخبر، وليس فيه تَسْوِيَةٌ بين الأصل والفرع، لأنه قد حصلت المخالفةُ بتقديمِ المنصوب على المرفوع فاعرفه.

فصل
قال صاحب الكتاب: "وجميِعُ ما ذُكر في خبرِ المبتدأ من أصنافه وأحوالِه وشرائطِه قائمٌ فيه ما خَلَا جَوازَ تقديمه، إلَّا إذا وقع ظرفًا كقولك: "إنّ في الدار زيدًا"، و"لعل عندك عمرًا"، وفي التنزيل {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ([1]) ".
* * *
قال الشارح: يعني أنّ هذه الحروف داخلةٌ على المبتدأ والخبر، وكل ما جاز في المبتدأ والخبر جاز في هذه الحروف، لا فَرْق، فالمرادُ بأصنافه كونُه مفردًا وجملةً، وبأحواله كونُه معرفة ونكرة، وبشرائطه افتقارُه إلى عائدٍ من الخبر إِذا كان جملة.
وقوله: "من أصنافه" يعني أنَّ خبرَ المبتدأ كما يكون مفردًا، أو جملة، أو ظرفًا، كذلك في هذه الحروف، تقول في المفرد: "إن زيدًا قائمٌ" كما تقول في المبتدأ: "زيدٌ قائمٌ"، وفي الجملة: "إنّ زيدًا أبوه قائمٌ"، كما تقول: "زيدٌ أبوه قائمٌ"، و"إنّ زيدًا قام أبوه" كما تقول: "زيدٌ قام أبوه"، وتقول في الظرف: "إن زيدًا عندك" و"إنّ محمّدًا في الدار" فموضعُ الظرف رفعٌ، لأنّه خبرُ "إن" كما كان خبر المبتدأ قبل دخول هذه الحروف، فإن كان اسمُ "إنَّ" جُثة، وأخبرتَ عنه بالظرف، لم يكن ذلك الظرفُ إلَّا ظرفَ مكان، ولا تُخْبِر عنه بالزَمان، فتقول: "إنّ زيدًا عندك". ولو قلت: "إن زيدًا اليومَ" لم يجز, لأنّ هذه الأخبار في الحقيقة إنّما هي أخبارُ أسماءِ هذه الحروف؛ وأمّا: قولهم: خبرُ إنَّ، وخبرُ كَانَ، فتقريبٌ, لأنّ الحروف، والأفعال لا يُخْبَر عنها.
وقوله: "وأحواله" يعني أن أحوالَ أخبارِ هذه الحروف كأحوالِ أخبارِ المبتدأ من

[1] الغاشية: 25 - 26
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 255
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست