responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 240
لا يؤنَّث. يقال: "هذا نَعَمٌ واردٌ". والمعنى أنه يتأسّف على الغِيَر، ولا سيّما في أوقاتِ إقبالهم على الغنائم، فيقول الجيش: "نَعَمٌ"، أي: هذا نَعَمٌ فاطْلُبوه، إلا أنّه حُذف للعلم به، وقد حذف الخبر أيضًا كما حذف المبتدأ، وأكثر ذلك في الجوابات. يقول القائلُ: "من عندك؟ " فتقول: "زيدٌ"، والمعنى: زيدٌ عندي، إلَّا أنّك تركته للعلم به، إذ السُّؤالُ إنّما كان عنه.
ومن ذلك قولهم: "خرجتُ فإذا السَّبُعُ". اعلم أن "إذا" تكون على ضربَيْن: زمانًا، وفيها معنى الشرط، وتضاف إلى الجملة الفعليّة، وإذا وقع بعدها اسمٌ كان ثمَّ فعلٌ مقدَّرٌ، نحو: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [1]، {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} [2]، والتقديرُ: إذا انشقّت السماءُ انشقّت، وإذا مدّت الأرضُ مدّت، كأنّ ذلك لتضمُّنه معنى الشرط، والشرط يقتضي الفعلَ. وتكون بمعنى المُفاجَأة، وهي في ذلك على ضَرْبين: تكون اسمًا، وتكون حرفًا. وإذا كانت اسمًا، كانت ظرفًا من ظروفِ الأمْكِنة، وإذا كانت حرفًا، كانت من حروف المعاني الدالةِ على المفاجأة، كما أن "إنْ" حرفٌ دالّ على معنى المجازاة. والهمزة حرفٌ دالّ على معنى الاستفهام، فإذا قلت: "خرجتُ فإذا السَّبُعُ" وأردتَ به الظرفيّةَ، لم يكن ثمَ حذفٌ، وكان "السبعُ" مبتدأ، و"إذا" الخبر قد تقدّم، كما تقول: "عندي زيدٌ" ويتعلّق الظرفُ باستقرارٍ محذوفٍ. فإن ذكرت اسمًا آخر، كان منصوبًا على الحال، نحو: "خرجتُ فإذا السبعُ واقِفًا، أو عادِيًا"، والعاملُ في الحال الظرفُ، وإن شئت رفعتَه على الخبر، وجعلت الظرفَ من صِلته، فإن جعلتها حرفًا، كان الخبرِ محذوفًا لا محالة، والتقدير: خرجت فإذا السبعُ حاضرٌ أو موجودٌ, لأنّ المبتدأ لا بدّ له من خبر، ولا خبرَ لها هاهنا ظاهرًا، فوجب أن يكون مقدَّرًا، وأمّا قول ذي الرُمّة [من الطويل]:
فيا ظبيةَ الوَعْساء ... إلخ
فالخبرُ محذوفٌ فيه، والتقدير: آانْتِ الظَّبْيَةُ أم أُمُّ سالم، والمرادُ: إنّكما التبسْتما عليّ لشدة تشابُهكما، فلم أعرف إحداكما من الأخرى. والوعْساءُ: الأرض اللَّيّنة ذاتُ الزَّمْل. وجُلاجِلُ: موضعٌ, ويُروى بالحاء غيرِ المعجمة. والنَّقا: الكَثِيبُ من الرمل. وقوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [3] احتمل الأمرين، وذلك أن يكون "صبرٌ" مبتدأ والخبر محذوف، والمعنى: فصبرٌ جميلٌ أجملُ من غيره، أو فعندي صبرٌ جميلٌ. وجاز الابتداءُ بقوله: صبرٌ جميلٌ، وهو نكرةٌ, لأنها قد وُصفت، والنكرةُ إذا وُصفت جاز الابتداءُ بها، وقد تقدّم بيانُ ذلك، ويجوز أن يكون "صبرٌ جميلٌ" خبرًا، والمبتدأ محذوفٌ، والتقديرُ: فأمري صبرٌ جميلٌ، أو صَنْعي صبرٌ جميلٌ.

[1] الانشقاق: 1.
[2] الانشقاق: 3.
[3] يوسف:18، 83.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست