responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 228
وخبرُ المبتدأ على ضربَيْن: مفردٌ، وجملةٌ. فإذا كان الخبرُ مفردًا، كان هو المبتدأ في المعنى، أو مُنزَّلًا منزلتَه. فالأوّلُ نحوُ قولك: "زيدٌ منطلقٌ"، و"محمَّد نَبِينَا"؛ فالمنطلقُ هو"زيدٌ"، و"محمّدٌ" هو النبي - صلي الله عليه وسلم -. ويُؤيِّد عندك ههنا أنّ الخبر هو المبتدأ، أنّه يجوز أن تُفسِّر كلَّ واحد منهما بصاحبه؛ ألا تراك لو سُئِلتَ عن زيد من قولك: "زيدٌ منطلقٌ"، فقيل: "مَن زيدٌ هذا الذي ذكرتَه؟ " لقلت: "هو المنطلقُ"، ولو قيل: "مَن المنطلقُ؟ " لقلت: هو زيدٌ. فلمّا جاز تفسيرُ كل واحد منهما بالآخر، دلّ على أنّه هو. وأمّا المُنزَّل منزلةَ ما هو هو، فنحو قولهم: "أبو يوسفَ أبو حَنِيفَة"؛ فأبو يوسف ليس أبا حنيفة، إنّما سدّ مَسَدَّه في العلم، وأغنى غَناءَه. ومنه قولُه تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [1]، أي: هنّ كالأُمّهات في حُرْمَةِ التزويج، وليس بأُمّهاتٍ حقيقة. ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} [2]، فبقي أن لا تكون أُمَّهاتٍ حقيقةً إلَّا الوالداتُ.
ثم المفردُ على ضربَيْن: يكون متحمّلًا للضمير، وخاليًا منه. فالذي يتحمّل الضميرَ ما كان مشتقًّا من الفعل، نحوَ اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفةِ المشبَّهةِ باسم الفاعل، وما كان نحوَ ذلك من الصفات. وذلكَ قولُك: "زيدٌ ضاربٌ"، و"عمرٌو مضروبٌ"، و"خالدٌ حَسَنٌ"، و"محمَّدٌ خيرٌ منك"؛ ففي كلّ واحد من هذه الصفات ضميرٌ مرفوع بأنّه فاعلٌ لا بدّ منه, لأنّ هذه الأخبار في معنى الفعل، فلا بدّ لها من اسم مسنَد إليه؛ ولمّا كانت مسندةً إلى المبتدأ في المعنى، ولا يصِحّ تقديمُ المسند إليه على المسند، أُسند إلى ضميره. وهذا هو التحقيقُ. والذي يدلّ على تحمُّلها الضميرَ المرفوعَ أنّك لو أوْقعت موقعَ المضمر ظاهرًا، لكان مرفوعًا، نحوَ: "زيدٌ ضارب أبوه ومُكْرَمٌ أخوه وحَسَنٌ وَجْهُه". وإذا عملتْ في الظاهر لكونه فاعلاً، عملت في المضمر إذا أُسندت إليه لكونه فاعلًا، وذلك من حيث كان الخبرُ في حكم الفعل، من حيث لا يَعْرَى الفعلُ من فاعل، كذلك هذه الأسماءُ.
وتحمُّلُ هذه الأشياء الضميرَ مُجْمَعٌ عليه، من حيث كان الخبرُ منسوبًا إلى ذلك المضمر. ولو نسبتَه إلى ظاهر، لم يكن فيه ضميرٌ، نحوَ: "زيدٌ ضاربٌ غلامُه", لأنّ الفعل لا يرفع فاعلَيْن، وكذلك ما كان في حُكمه، وجاريًا مجراه.
وأما القسمُ الثاني، وهو ما لا يتحمّل [3] الضميرَ من الأخبار، وذلك إذا كان الخبرُ اسمًا محضًا غير مشتقّ من فعلٍ، نحوَ: "زيدٌ أخوك"، و"عمرٌو غلامُك"، فهذا لا يتحمّل الضميرَ، لأنّه اسمٌ محضٌ عارٍ من الوصفيّة. والذي يتضمَّنُ الضميرَ من الأسماء ما تقدّم وصفُه من الأخبار المشتقّة، كاسم الفاعل، وغيرِه، ممّا ذكرناه. وهذه الأسماءُ ليست

[1] الأحزاب: 6.
[2] المجادلة: 2.
[3] في الطبعتين: "تحمل"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص 905.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست