responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 220
عنّي الغُلَّ لأفْزدَ. ففككْن عنه، فنزل عن الناقة ونَحَرها، فقيل له في ذلك، فقال: "هكذا فَزْدِي أنَهْ"، فلطمتْه جاريةٌ بما فعل، فقال: "لو ذاتُ سوارٍ لطمتني"، يريد: لو حُرَّةٌ لطمتني. والمعنى لو لطمتني من كانت في الشَّرَف لي كُفْئًا، لَهانَ عليّ ذلك.
وأمّا المَثَل الآخر، وهو قول العرب: "إلا حَظِيةٌ فلا ألِيةٌ" [1]، فمعناه: "إنْ لا تكن لك في النساء حظيةٌ، فإنيّ غيرُ أليةٍ"؛ كأنّها قالت: "إن كنت ممّن لا تَحْظَى عنده امرأةٌ، فإني غيرُ أليةٍ". ولو عنتْ بالحظيّة نفسَها, لم يكن إلَّا نصبًا؛ إذ التقديرُ: "إلا أكُنْ حظيةٌ"، فيكون منصوبًا, لأنّه خبرُ "كَانَ". يُضْرَب لِمَن أخظأتْه الحُظْوَةُ، فيقال: إن أخطأتْك الحُظْوَةُ فيما تطلب، فلا تَأْلُ أن تتودّد إلى الناس، لَعَلَّكَ تُدْرِك بعضَ ما تريد. وأصلُه في المرأة تَصْلَفُ عند زوجها. و"حظيّةٌ"، و"أليةٌ"" "فَعِيلَةٌ" من "الحُظْوَة"، و"الألْوِ". و"ألَوْتُ" أي: قَصَّرْتُ. والأصلُ "حَظيوَةٌ"، و"ألِيوَةٌ"، وإتما قُلبت الواو ياءً لوقُوع الياء الساكنةِ قبلها على حدِّ "سَيِّدٍ" و"مَيِّتٍ".
وأما قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [2] فـ"أن" وما بعدها من الاسم والخبر بتأويلِ مصدر من لفظ الخبر مضافٍ إلى الاسم، وهو في موضع رفع بفعل محذوف، وتقديرهُ: ولو ثبت صَبْرُهم، أو وقع، لِما ذكرناه من أنّ "لو" لا يَلِيها إلا الفعلُ. واعلمْ أنّك لو قلت: "لو أن زيدًا قائمٌ لأكرمناه"، لم يجز؛ وإذا قلت: "لو أنّ زيدًا قام لأكرمناه"، جاز، وذلك لوقُوعِ الفعل في خبرِ "أنَّ"، فيكون مفسِّرًا لذلك الفعل المحذوفِ الرافعِ، كأنَّا قلنا: "لو صَحَّ أن زيدًا قام"، أو: "لو ثبت".
فإن قيل: فكيف يكون "قَامَ"، من قولك: "لو أن زيدًا قام" دالاً على "صَحَّ" و"ثَبَتَ"، وليس من لفظه؟ قيل: لمّا كانا في المعنى شيئًا واحدًا، جاز أن يفسَّر أحدهُما بالآخر؛ ألا ترى أنّه لا فرقَ بين أن تقول: "قام زيدٌ"، وبين أن تقول: "صَحَّ قيامُ زيد"، أو: "ثَبَتَ قيامُ زيد"؛ فلمّا كان إيّاه في المعنى، جاز أن يدلّ "قَامَ" على "صَحَّ"؛ لأنّ الصَّحَّة للقيام، فيجوز أن يدل أحدهُما على الآخر، من حيث هما فعلان ماضيان، وأحدُهما ملتبسٌ بالآخر، من حيث كانت "أنَّ" وما اتّصل بها في موضعِ المصدر، والفعلُ المضمرُ مُسْنَدٌ إليه. وقد أجاز سيبويه أن تكون "أنَّ" وما اتّصل بها بعدَ "لَوْ"، وإنْ كان فيها معنَى المجازاة، في موضعِ رفع بالابتداء، والخبرُ محذوفٌ؛ وجاز, لأن الفعلَ الذي هو خبرُ "أنّ" يُصحِّح لها معنَى المجازاة. وساغ ذلك لأنّها ليست عاملة "إِن" الشرطيّةِ، فجاز أن يقع بعدها المبتدأُ. وقال السيرافيّ: لو كانت "أنَّ" في موضعِ اسم مبتدأ، لجَاز أن يُقال: "لو أنّ زيدًا جالسٌ أتَيْناك"، على معنَى: "لو وقع هذا"؛ والحقُّ الأوَّل لاقتضائها الفعلَ.

[1] تقدّم تخريجه منذ قليل.
[2] الحجرات: 5.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 220
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست