اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 168
أحدهما: أنّه لا يقوم بنفسه، ويفتقر إلى اسم يكون معه، والاسمُ لا يفتقر إلى فعل، فكان فرعًا عليه.
والآخَرُ: أنَّه مشتقّ من المصدر الذي هو ضربٌ من الأسماء، فلمّا أشبهَه في الفرعية، امتنع منه الجرُّ والتنوينُ، كما امتنعا من الفعل. والتعريفُ فرعٌ على التنكير, لأنّ أصل الأسماء أن تكون نكرات، ولذلك كانت المعرفةُ ذاتَ علامةٍ وافتقارٍ إلى وَضْع لنقْله عن الأصل؛ كنقلِ "جَعْفَرٍ" عن اسمِ النهر الذي هو نكرةٌ شائعٌ إلى واحد بعينه. فالتعريفُ المانعُ من الصرف هو الذي ينقل الاسمَ من جهةِ أنَّه متضمَّنٌ فيه، من غير علامةٍ تدخل عليه، وهو تعريف العلمية.
والتأنيث فرعٌ على التذكير لوجهَيْن:
أحدهما: أنّ الأسماء قبل الاطلاع على تأنيثها وتذكيرها يعبَّر عنها بلفظ مذكَّر، نحوِ: "شَيْءٍ"، و"حَيَوانٍ"، و"إنسان". فإذا عُلم تأنيثُها، رُكب عليها العلامةُ. وليس كذلك المؤنث.
الثاني: أن المؤنّث له علامةٌ على ما سبق، فكان فرعًا.
وقوله: "التأنيث اللازم" وصفٌ احترز به عن تأنيث الفَرْق؛ وهو الفارقُ بين المذكّر والمؤنّث في مثل: "قائمةٍ"، و"قاعدةٍ"، ونحوهما من الصفات؛ و"امرئٍ"، و"امرأةٍ"، ونحوهما من الأجناس.
ومن ذلك ما كان من التأنيث فارقًا بين الواحد والجمع، مثلَ: "قَمْحٍ"، و"قَمْحَةٍ"، و"شَعِيرٍ"، و"شَعِيرَةٍ". فهذا التأنيثُ لا اعتدادَ به، وإنمّا المانعُ من الصرف التأنيثُ اللازمُ. فإن سُمّي بشيء ممّا ذُكر، وفيه تاءُ التأنيث العارضةُ، لزِمه التأنيثُ بالتسمية، فلم يجز سقوطها، واعتُدّ بها سببًا مانعًا من الصرف إذا انضمّ إليه غيره، نحوَ: "طَلْحَةَ"، و"حَمْزَةَ"، فإنّهما لا ينصرفان لاجتماع التأنيث والتعريفِ، فإذا نُكر انصرف, لأنه لم يبقَ فيه إلَّا التأنيثُ وحدَه.
فأمّا ألف التأنيث المقصورة والممدودة، نحو: "حُبْلَى"، و"بُشْرَى"، و"سَكْرَى"،
و"حَمْراءَ"، و"صَفْراءَ"، فإنّ كلّ واحدة منهما مانعةٌ من الصرف بانفرادها، من غيرِ احتياج إلى سبب آخر، فلا ينوَّن شيء من ذلك في النكرة. فإذا لم ينصرف في النكرة، فأحْرَى أن لا ينصرف في المعرفة، لأنّ المانع باقٍ بعد التعريف، والتعريفُ ممّا يزيده ثقلاً.
وإنّما كان هذا التأنيث وحده كافيًا في منع الصرف لأن الألف للتأنيث، وهي تزيد على تاء التأنيث قوةٌ, لأنّها يُبْنَى معها الاسم، وتصير كبعضِ حروفه، ويتغير الاسم معها عن بنْيةِ التذكير، نحو: "سَكْرانَ"، و"سَكْرَى"؛ و"أحْمَرَ"، و"حَمْراءَ"؛ فبنيةُ كلّ واحد من المؤنَث غيرُ بنيةِ المذكّر. وليست التاء كذلك، إنّما تدخل الاسمَ المذكّرَ من غير تغيُّرِ بِنْيته دلالةً على التأنيث، نحوَ: "قائم"، و"قائمةٌ".
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 168