اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 160
فقال: "قد أقلعا"، وأنت لا تقول: "زيدٌ قامَا". فالجواب: أن هذا محمولٌ على المعنى، كما يُحْمَل على معنَى "كُلٍّ"، و"مَنْ"؛ نحو قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [1]، وقوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [2]، وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [3]. وفي موضع آخر: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [4]، وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [5]؛ فأعاد الضمير على اللفظ تارةً بالإفراد، وعلى المعنى أُخْرَى بالجمع، فكذلك "كِلا" لفظة مفردة، ومعناها التثنية، فلَكَ أن تحمل الخبرَ تارة على اللفظ فتُفْرِده، وتارة على المعنى فتثنّيه.
ونوّنه صاحبُ الكتاب، فقال: "كِلا" [6]؛ لأنّه عنده مفرد، من قبيل المقصور، وهو غير مضاف، وألفُ "كلا" لامٌ، وليست زائدة، لئلاّ يبقى الاسم الظاهر على حرفَيْن، وليس ذلك في كلامهم أصلاً. وذهب بعضهم إلى أنّها منقلبة عن ياء، وذلك لأنّه رآها قد أميلت. قال سيبويه: لو سمّيتَ بـ "كِلاً"، وثنّيتَ، لقلبتَ الألف ياءً, لأنّه قد سُمع فيها
= 314؛ والدرر 1/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد المغني ص 552؛ ونوادر أبي زيد ص 162؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب 9/ 156؛ (سكف)؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 131، 4/ 299؛ والخصائص 2/ 421؛ وشرح شواهد الإيضاح ص171؛ ومغني اللبيب ص 204؛ وهمع الهوامع 1/ 41.
اللغة: كلاهما: يقصد عضيدة بنت جرير وزوجها الأبلق، أو جريرًا وابنته. أقلعا: كفا عنه وتركاه. رابي: منتفخ.
المعنى: إن عضيدة وزوجها حينما جَدَّ الخطب تركاه، ويا لسوء منظرهما وأنفهما منتفخ قبيح.
الأعراب: "كلاهما": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهما: ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "حين": ظرف مبني على الفتح في محل نصب متعلق بـ" أقلعا". "جدّ": فعل ماض مبني على الفتح. "الجزي": فاعل مرفوع بالضمة. "بينهما": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل "جدّ"، والضمير "هما" في محلّ جرّ بالإضافة. "قد أقلعا": "قد": حرف تحقيق، "أقلعا": فعل ماضٍ مبني على الفتح، وألف الاثنين في محل رفع فاعل. "وكلا": الواو حالية، "كلا": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى. "أنفيهما": مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه مثنى وحذفت النون للإضافة، و"هما": ضمير متصل مبني على السكون في محل جرّ بالإضافة. "رابي": خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدّرة.
وجملة "كلاهما قد أقلعا": ابتدائية لا محل لها. وجملة "قد أقلعا": في محلّ رفع خبر. وجملة "وكلا أنفيهما رابي" في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "كلاهما قد أقلعا" وقوله "وكلا أنفيهما رابي" فقد أعاد الضمير إلى "كلاهما" في العبارة الأولى مثنى، وذلك قوله: "أقلعا"مراعاة لمعنى "كلا". وأخبر عن "كلا" في العبارة الثانية بمفرد، وذلك في قوله "رابي" مراعاة للفظ "كلا"، فدل ذلك على أنه يجوز مراعاة لفظ "كلا"، ومراعاة معناها. [1] مريم: 95. [2] النمل: 87. [3] الأنعام: 25. [4] يونس: 42. [5] الحج: 11. [6] الكتاب 3/ 364.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 160