اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 158
فأمّا قوله تعالى، في قراءة ابن مسعود: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [1]، فالأشبهُ بالقياس أن يكون "العالم" ها هنا مصدرًا كـ "الفالج"، و"الباطل". فكَأنّه قال: "وفوق كلّ ذي عِلْم عليمٌ"، فالقراءتان في المعنى سَواءٌ. ويجوز أن يكون على مذهب من يرى زيادةَ "ذِي"، فيكون حاصلُه: و"فوق كل عالمٍ عليمٌ". ويجوز أن يكون من إضَافة المسمّى إلى الاسم، أي: و"فوق كلّ شخص يسمّى عالماً، أو يُقال له: عالمٌ، عليمٌ"؛ وذلك على حد قول الشاعر [من الطويل]:
إليكم ذوِي آلِ النبي تَطلّعتْ ... نَوازعُ من قَلْبِي ظِماءٌ وَأَلْبُبُ (2)
على ما سنذكر في موضعه.
والموضع الثاني: ما اختلف آخِرُه في اللفظ بحرف، وهو"كِلا". اعلمْ أنّ "كِلا" اسمٌ مفردٌ، يفيد معنى التثنية؛ كما أنّ "كُلاًّ" اسم مفرد، يفيد معنى الجمع والكثرةِ. هذا مذهب البصريين [3].
وذهب الكوفيون إلى أنَّه اسمٌ مُثَنًّى لفظًا ومعنًى. والصوابُ مذهب البصريين؛ بدليل جوازِ وقوع الخبر عنه مفردًا، نحوَ قولك: "كِلَا أخوَيْك مُقْبِلٌ". قال الشاعر [من الوافر]:
97 - كِلا يَوْمَيْ أُمامَةَ يومُ صَدًّ ... وإنْ لم نَأْتِها إلَّا لِماما [1] يوسف: 76. وانظر: البحر المحيط 5/ 333؛ والمحتسب 1/ 346؛ ومعجم القراءات القرآنية 3/ 185.
(2) تقدم بالرقم 53. [3] انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ص 439، 450.
97 - التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 778؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 291؛ ولسان العرب 15/ 229 (كلا).
اللغة: لمامًا: أحيانًا على غير مواظبة.
المعنى: يريد أنّه يزور أمامة في بعض الأحيان على غير مواظبة، وهي دائمًا تصدّه.
الإعراب: "كلا": مبتدأ مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف، وهو مضاف. "يومي": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة. "أمامة": مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "يوم": خبر مرفوع بالضمة. "صدّ": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "وإن": الواو: حالية، "إن": وصلية زائدة. "لم": حرف نفي وجزم وقلب. "نأتها": فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة الجزم حذف حرف العلة، والفاعل: ضمير مستتر وجوبًا تقديره: نحن، و"ها": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "إلا لماما": "إلا": حرف حصر، "لماما": حال منصوب بالفتحة.
وجملة "كلا يومي أمامة يوم صدّ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "وإن لم نأتها إلا لماما": في محل نصب حال.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 158