اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 130
قال الشارح: وممّا جرى بالغلبة مجرى الأعلام، ولزمته اللامُ، قولهم: "الدَّبَرانُ"، و"العَيُّوقُ" و "السَّماكُ" للنجوم المعروفة، فإنها أوصافٌ في الحقيقة مشتقّةٌ بمعنى الفاعل، ولزمتها اللام, لأنهم أرادوا فيها معنى الصفة؛ فـ "الدبران" مأخوذ من "دَبَرَ" إذا تَأَخَّرَ، بمعنى "الدابر" وهم يزعمون أنّ "الدبران" يتبع "الثريّا" خاطبًا لها. ونظيره من الصفات "الصَّلَتانُ"، وهو النشيط، مأخوذ من السيف الصَّلْت. و"العَيّوق" مأخوذ من "عَاقَ يَعُوق"، بمعنى "العائق". قالوا: عاقَ "الدبرانَ" عن الوصول إلى "الثريا"؛ زعموا أنّ الدبران جاء خاطبًا، وساق مَهْرَها كواكبَ صغارًا معه، تسمّى القِلاصَ. قال الشاعر [من البسيط]:
75 - أمّا ابنُ طَوْقٍ فقدْ أَوْفَى بذِمَّتِهِ ... كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها
والعيّوق بينهما في العُرْض إلى ناحية السماك، فكأنّه يعوقه عنها. ونظيرُ "العَيُّوق" من الصفات "القَيُّومُ".
و"السِّماك" من "سَمَكَ" إذا ارتفع، والسماءُ سامكةٌ، أي: مرتفعهٌ، ومنه النُّجومُ السوامكُ. ومعنى "السِّماك": السامكُ. فهذه الأسماءُ، وإن كانت بمعنى "فاعلٍ"- فالدبرانُ بمعنى الدابر، والعيوقُ بمعنى العائق، والسماكُ بمعنى السامك- فلا يجوز إطلاقه على كلَّ ما يُطْلَق عليه "فاعلٌ"، فلا يقال: "الدبران"، لكلّ ما يقال فيه: "الدابر". وكذلك العيّوق والسماك، وذلك لأن الاسمَيْن قد يكونان مشتقَّين من شيء، والمعنى فيهما واحدٌ، وبناؤهما مختلفٌ، فيختصّ أحدُ البناءين شيئًا دون شيء للفرق؛ ألا ترى أنهم قالوا: "عِدْلٌ" لِما يعادِل من المتاع، و"عَدِيلٌ" لِما يعادل من الأناسيّ، والأصل واحدٌ، وهو (ع د ل)، والمعنى واحدٌ، ولكنّهم خصّوا كلَّ بناءٍ بمعنى لا يشاركه فيه الآخرُ للفرق.
75 - التخريج: البيت لطفيل الغنويّ في ديوانه ص 113؛ ولسان العرب 7/ 82 (قلص)، 15/ 389 (وفي)؛ وتاج العروس 18/ 125 (قلص)، (وفي).
الإعراب: "أمّا": حرف تفصيل. "ابن": مبتدأ مرفوع بالضمّة، وهو مضاف. "طوق": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "فقد": الفاء: رابطة لجواب "أمّا"، و"قد": حرف تقريب وتقليل. "أوفى": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف للتعذّر "بذمّته": جارّ ومجرور متعلّقان بـ "أوفى"، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "كما": الكاف: اسم مبني في محل نصب مفعول مطلق، "ما": حرف مصدريّ."وفى": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف للتعذّر، والمصدر المُؤوّل من "ما وّفى" في محلّ جرَّ بالإضافة. "بقلاص": جارّ ومجرور متعلقان بـ "وفى". "النجم": مضاف إليه جرور بالكسرة. "حاديها": فاعل "وفي" مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء للثقل، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة "ابن طوق أوفى": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "أوفى": في محلّ رفع خبر "ابن".
والشاهد فيه قوله: "قلاص النجم" وهي الكواكب الصغار التي ساقها مهرًا للثريّا.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 130