طيب لِمَ اختار الصرفيون كون الفعل الوزن على ثلاثة أحرف فلم يكن أربعة أو خمسة قالوا: لأنا لو وضعناه على خمسة وأردنا أن نزن الرباعي فماذا نصنع؟ نحذف منه حرفًا لأن الوزن على خمسة أحرف والموزون رباعي إذًا لم يطابق لا بد من حذف حرف، وإذا وضعناه على خمس وأردنا أن نزن الثلاثي لا بد من حذف حرفين، ولو وضعناه رباعيًا ووزن به الخماسي لا بد من زيادة حرف، ولو وضعناه رباعيًا ووزننا به الثلاثي لا بد من حذف الحرف، إذًا لو وضع خماسيًا لا بد من الحذف ولو وضع رباعيًا لا بد من الحذف، ولو وضع ثلاثيًا ووزن به الرباعي زيد حرفًا ولو وزن به الخماسي لزيد حرفان ولم ينقص منه، وعندهم قاعدة أن الزيادة أسهل من الحذف حينئذٍ ارتكاب ما يؤدي إلى الأسهل أولى من ارتكاب ما يؤدي إلى ما هو دونه، فوضعوه على ثلاثي لأنه لا حذف فيه البتة وإنما فيه زيادة، هذا نظر من حيث التعليل، وما هو أدق من هذا أن يقال أكثر الكلمات ثلاثية فراعوا الكثرة من حيث وضع الوزن، حينئذٍ يكون وضعوا الميزان على ثلاثة أحرف لسببين:
- لأن أكثر الكلمات ثلاثية، وهذا بالتتبع والاستقراء، وهذا صحيح أكثر الكلمات ثلاثية، الثلاثي أكثر من الرباعي لأن الرباعي ثقيل على اللسان لزيادة حرف، والرباعي أكثر من الخماسي والخماسي قليل باعتبار النوعين.
- من حيث التعليل يقال: إن الثلاثي إذا وزن به الرباعي أو الخماسي يزاد به حرفًا أو حرفان ولا يحذف منه شيء بخلاف الرباعي أو الخماسي لو وزن منه لا بد من الحذف، والزيادة عندهم أسهل من الحذف.
لِمَ اختاروا الفاء والعين واللام دون غيرها من الحروف لماذا قالوا: فَعَلَ؟
اختاروا الفاء والعين واللام نقول: لا، أخذوا من كل مخرج حرفًا فَعَلَ، والمخارج ثلاثة أخذوا من كل حرفٍ مخرجًا لأن المخارج ثلاثة وأريد أن يشارك كل مخرج بحرف فقيل فَعَلَ، هذا تعليل وبعضهم لم يسلم بهذا.
أيضًا الفعل أو معنى الفعل أعم الأحداث كلمة فَعَلَ أو فِعْل نقول: هذه تصدق على كل حدث لو قيل: هل صمتَ؟ تقول: قد فعلتُ. هل قمتَ؟ قد فعلتُ، هل ذهبتَ؟ قد فعلتُ، هل سافرتَ؟ قد فعلتُ، يصح أن تجيب عن كل حدث بهذه اللفظة أليس كذلك؟ فحينئذٍ صارت أعم الأحداث صام هذا يتعلق بحدث معين ولا يشمل القيام وغيره لكن الفعل يصدق على كل الفعل {الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4] والأصل يكون مزكون صحيح؟ لِمَ قال فاعلون؟ لأن الفعل يصدق على الزكاة وغيرها حينئذٍ يصح هذا الوصف قد فعلتُ أن يقع جوابًا في كل سؤال عن حدث ما، وهذا لا خلاف عند الصرفيين في هذا.
عرفنا الآن لماذا اختاروا الفاء والعين واللام.
كيفية الوزن: كيف نزن الموزونات، ذكرنا أن عندنا وزن وعندنا موزون والوزن هو الذي نبحث فيه، عندنا وزن وعندنا موزون فَعَلَ هو الوزن وضَرَبَ هو الموزون ما كان على ثلاثة أحرف وافق الوزن موزونه أليس كذلك؟ وافق الوزن موزونه فتجعل ضَرَبَ على وزن فَعَلَ، فالضاد قوبلت بالفاء، والراء قوبلت بالعين، والباء قوبلت باللام. فحينئذٍ يقال في الضاد: فاء الكلمة. تسمى الضاد ضَرَبَ تسمى فاء الكلمة، والراء تسمى عين الكلمة لأنها قوبلت بالعين في الوزن، والباء تسمى لام الكلمة.