إنسان يبذلها بدون مقابل، ففي منع الإجارة عليها حرج [1].
وأما كراهة أكل الحر لأجرة الحجامة، فقد استدلوا لها بالسنة والعقل أيضًا:
أ- دليلهم من السنة:
حديث مُحَيّصَةَ بن مسعود -رضي الله عنه- أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إجارة الحجام فنهاه عنها، ولم يزل يسأله، ويستأذنه حتى قال: "أعلِفْهُ نَاضحَك، أو أطعمه رقيقك" [2].
وجه الدلالة:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بإطعامه الرقيق، والرقيق آدمي كالحر يمنع ما يمنع منه الحر، فكونه يبيح له إطعامه الرقيق فيه دليل على حل أكل أجرة الحجامة وكسبها، والأمر بإطعام ذلك الكسب للرقيق فيه دليل على كراهة أكل الحر له [3].
ب- دليلهم من العقل:
يكره للحر أكل أجرة الحجامة والتكسب بها، كما يكره له الكسح بجامع دناءة الحرفة في كل [4]. [1] أشار إلى هذا الوجه من النظر الشيخ منصور البهوتي في شرحه لمنتهى الإرادات بقوله: " ... ولدعاء الحاجة إليه" يعني إلى فعل الحجامة. شرح منتهى الإرادات 2/ 367. [2] رواه أبو داود في سننه 3/ 362، والترمذي في سننه أيضًا 4/ 566، وقال حديث حسن صحيح، وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرحه فتح الباري عن حديث محيصة هذا: "رجاله ثقات" أهـ. فتح الباري لابن حجر 4/ 309. [3] البيان والتحصيل لابن رشد 8/ 446، والمغني والشرح الكبير لابن قدامة 11/ 122، المبدع لابن مفلح 5/ 92. [4] المغني والشرح الكبير لابن قدامة 22/ 123. والمراد بالكسح: الكنس، والكساحة الكناسة، المصباح المنير للفيومي 2/ 533.