المطلب الأول هل يشترط إسلام الطبيب الجراح
مما عمت به البلوى في هذه الأزمنة معالجة الطبيب الكافر للمسلم، سواء كان ذلك الطبيب الكافر من أهل الكتاب كاليهود والنصارى، أو من غيرهم من ملل الكفر الأخرى.
ومن المعلوم أن الكافر أيّاً كان كتابيًا أو غير كتابي يعتبر عدوًا للمسلم كما بين الله تعالى ذلك بقوله: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [1]، والغالب في العدو أن تحمله العداوة على الإضرار بمن يعاديه، خاصة إذا كانت تلك العداوة في الدين، فقد يتقرب لمعبوده بإيصال الضرر وإيقاعه بمن يعاديه، ولو أدى ذلك إلى هلاكه وموته.
وإذا كان الأمر كذلك فإنه يرد السؤال عن حكم قيام الأطباء الكفار بمعالجة مرضى المسلمين خاصة بالجراحة الطبية التي تشتمل على المراحل الخطيرة التي يسهل معها إيصال الضرر للمريض؟.
والجواب: أنه لا حرج على المسلم إذا احتاج إلى معالجة الكافر أن يتعالج عنده، ولكن بشرط أن يعرف ذلك الكافر بالنصح والأمانة في معاملته.
ففي الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر استأجرا رجلاً من بني الدَّيْلِ هاديًا خرّيتًا وهو على دين كفار قريش فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ... " [2]. [1] سورة النساء (4) آية 101. [2] رواه البخاري في صحيحه 2/ 33، وقولها رضي الله عنها: خريتًا أي ماهراً.