المقصد الثالث في (التعزير)
يترتب هذا الأثر على موجب الجهل، وعدم اتباع الأصول العلمية المعتبرة عند المختصين.
فأما موجب الجهل فإنه لا إشكال في تعزير صاحبه، لما في التطبب من الكذب، والتدليس على الناس على وجه يتضمن الاستخفاف بحرمة أرواحهم وأجسادهم، الأمر الذي يوجب معاقبة صاحبه بما يردعه، ويزجر غيره عن فعله، فلو فتح هذا الباب للناس وترك المتطبِّبون على حالهم لأدى ذلك إلى مفسدة عظيمة فوجب قفل السبل المفضية إليها بتعزير كل من سولت له نفسه الإقدام على معالجة المرضى بدون علم ودراية.
ولذلك نجد من الفقهاء -رحمهم الله- من اعتبر هذا الأثر وحكم بعقوبة المتطبب الجاهل، قال الشيخ محمد بن يوسف العبدري المالكي -رحمه الله-: "فإن أخطأ كأن نزل يد الخاتن، أو يقلع غير الضرس التي أمر بها، فهى من جناية الخطأ إن كان من أهل المعرفة، وإن غَرَّ من نفسه عُوقِبَ" [1] اهـ.
فقوله- رحمَه الله-: "إن غَرَّ من نفسه عُوقبَ": المراد به أن يكون جاهلاً غرّ العليل فادعى علمه بالطب وأخطأ في مهمتة، وقوله: "عوقب" المراد به أنه يعزر، وقد ورد ذلك صريحاً في نقل الإمام [1] التاج والإكليل للمواق 5/ 439.