وإلزام أصحابها بتحمل تبعاتها، ورد الحقوق المترتبة عليها إلى أصحابها من المرضى، وذويهم كاملة غير منقوصة لا يَظلمُون ولا يُظلَمُون.
وهي بهذا المسلك القويم تخالف ما ذهب إليه بعض فقهاء القوانين الوضعية من إسقاط المسئولية عن الأطباء مطلقًا، وذلك بحجة أن قصد الاعتداء منتف في فعل الطبيب بالكلية، ولا يمكن أن يقصده.
وإذا انتفى قصد الاعتداء فإنه ينتفي وصف الفعل بالجناية، ومن ثم تنتفي مساءلة الطبيب عن فعله لانتفاء موجبها [1].
وهذا التصور من بعض فقهاء القوانين الوضعية يعتبر تصورًا خاطئًا، ذلك لأنه لا خلاف في أن قصد الجناية يعتبر أحد شقي القصد المفترضين في الأعمال المبنية على المقاصد الباعثة على فعلها.
فكل من قام بعمل له قصد باعث على فعله، ولا يخلو ذلك القصد إما أن يكون حسنًا، أو يكون سيئًا وهذا الافتراض لا دليل على انتفاء أحد شقية -وهو القصد السيء- في الطبيب ومساعديه كما لا دليل على انتفاء -القصد الحسن- فيهم، فوجب إبقاء الفرض كما هو، والعمل بالدلائل والأمارات الظاهرة الموجبة لترجيح أحد القصدين على الآخر.
وهذا هو ما راعته الشريعة الإسلامية، فإن الأطباء ومساعديهم [1] هذا المذهب أخذ به بعض فقهاء القوانين الوضعية من الألمان، ومنهم ستوس حيث نفوا عن عمل الطبيب صفة الاعتداء لانتفاء قصده له بالكلية، وقد نقل ذلك مترجمًا عن بعض المصادر الأجنبية. انظر: المسئولية الطبية في قانون العقوبات د. فائق الجوهري ص 97، المسئولية الجنائية للأطباء د. أسامة عبد الله قايد ص 111، المسئولية الطبية المدنية الجزائية بسام محتسب بالله ص 340.