المطلب الثالث (أدلة مشروعية المسئولية الطبية)
دلت أدلة الشريعة الإسلامية عن النقل، والعقل على اعتبار المسئولية الطبية، ففي حديث عمرو بن شعيب [1] عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تَطبَّبَ ولَمْ يُعْلم مِنْهُ طِب قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ" [2].
فهذا الحديث الشريف يعتبر أصلاً عند أهل العلم -رحمهم الله- في تضمين المتطبب الجاهل إذا عالج غيره واستضر بعلاجه [3].
وقد دل الحديث على اعتبار المسئولية الطبية التي عبر عنها بأثرها وهو وجوب الضمان على هذا النوع ممن يدعي الطب وهو جاهل به، وهو عام شامل لمن تطبب بجراحة أو غيرها من فروع الطب، ويدخل فيه من كان في حكم الأطباء كالمحللين، والممرضين، والمخدرين، والمصورين بالأشعة والمناظير الطبية.
وإذا كان الجهل هو الموجب للمسئولية كما يدل عليه ظاهر [1] هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص المتوفى سنة 118 من الهجرة، وقوله عن أبيه أي شعيب، وقوله عن جده أي جد شعيب، وهو عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الصحابي الجليل. قال الحافظ النسائي -رحمه الله-: "صح سماع عمرو من أبيه، وصح سماع شعيب من جده" اهـ. تهذيب التهذيب لابن حجر 8/ 50. [2] رواه ابن ماجة 2/ 248، والحاكم في المستدرك وصححه، ووافقه الحافظ الذهبي على تصحيحه. المستدرك 4/ 212 مع التلخيص. [3] الطب النبوي لابن القيم ص 107، والطب من الكتاب والسنة للبغدادي ص 189.