المقصد الثاني: في أهلية الآذِن
لابد في الشخص الآذن بالجراحة من أن تتوفر فيه أهلية الإذن بها حتى يحكم باعتبار إذنه، ويستوي في ذلك المريض نفسه، ووليه.
وتتحقق هذه الأهلية المشترطة لاعتبار الإذن بوجود أمرين:
أحدهما: البلوغ.
والثاني: العقل.
ومن ثم فإنه لا يعتبر إذن الصبي، ولا المجنون [1]، ولا السكران، فلا يجوز للطبيب أن يقدم على ختان الصبي مثلاً استنادًا على إذنه، وكذلك المجنون، والسكران.
والواجب عليه أن يرجع إلى أوليائهم المُنصَّبين للنظر في مصالحهم، وقد أشار بعض الفقهاء -رحمهم الله- إلى اعتبار أهلية الشخص الآذن بالجراحة، ومنهم العلامة منصور بن إدريس البهوتي -رحمه الله- [2] وذلك في معرض بيانه لعلة عدم إجبار المريض على قلع ضرسه إذا امتنع منه، فقال -رحمه الله-: "لأن إتلاف جزء من [1] المراد بالجنون هنا من كان جنونه مطبقًا، أما من كان جنونه غير مطبق بأن كان يفيق أحيانًا ويجن أحيانًا فإنه يعتبر إذنه حال إفاقته دون حال جنونه. [2] هو الشيخ منصور بن يونس بن صلاح الدين بن إدريس البهوتي، ولد -رحمه الله- سنة 1000 من الهجرة وهو من أجلاء فقهاء الحنابلة -رحمهم الله- وتوفي بالقاهرة سنة 1051 هـ، وله مؤلفات منها: كشف القناع، ودقائق أولي النهى لشرح المنتهى، والروض المربع. معجم المؤلفين، عمر كحالة 13/ 22، 23.