لذلك فإن الحق في ولاية الإذن بالجراحة يعتبر بحسب القرابة وضعفها لوجود من هو أقرب ويعتبر الأبناء أحق القرابة كما هو معلوم من أصول الشرع، فإن التعصيب بالبنوة مقدم على التعصيب بالأبوة [1].
ويلي الأبناء الوالدان إلا أن الأب أقوى ولاية من الأم كما أشار إلى ذلك بعض فقهاء الحنفية -رحمهم الله- حيث اعتبروا وصي الأب قائمًا مقام الأب في الإذن بختان الصبي، ولم يعتبروا لوصي الأم حقًا في الإذن به [2].
ويقوم مقام الأب الجد وإن علا، ثم الإخوة الأشقاء ثم الإخوة لأب، ثم بنو الإخوة الأشقاء، ثم بنو الإخوة لأب ثم الأعمام الأشقاء ثم الأعمام لأب، ثم بنو الأعمام الأشقاء، ثم بنو الأعمام لأب.
وهذا الترتيب اعتبره العلماء -رحمهم الله- في الإرث، وهو مبني على مراعاة قوة التعصيب [3].
ونظرًا لكونه مبنيًا على مراعاة قوة القرب فإنه لا مانع من اعتباره في مسألة الإذن هنا لأن الترتيب فيها مبني على قوة القرب كالحال في الإرث، وقد اعتمد الفقهاء -رحمهم الله- في ترتيبهم القرابة في بعض المسائل على ترتيبهم في الميراث كما في مسألة تكفين الميت وغسله والصلاة عليه [4]. [1] ولذلك يحجب الابن لأب حجب نقصان ولا يحجبه الأب، قال تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} سورة النساء (4) آية 11. [2] الفتاوى الهندية 5/ 357. [3] شرح الرحبية للمارديني 83. [4] المغني لابن قدامة 2/ 482، والمقنع لابن قدامة 1/ 270، 271، والمبدع لابن مفلح 2/ 220، 221، حواشي الشرواني والعبادي على التحفة 3/ 100، وشرح الخرشي على مختصر خليل 2/ 47.