اسم الکتاب : أحكام الهجر والهجرة في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 7
وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْمُجَانَبَةِ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُهْجَرُ أَهْلُ الْمَعَاصِي وَمَنْ قَارَفَ الْأَعْمَالَ الرَّدِيَّةَ أَوْ تَعَدَّى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَعْنَى الْإِقَامَةِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِضْرَارِ.
وَأَمَّا مَنْ سَكِرَ أَوْ شَرِبَ أَوْ فَعَلَ فِعْلًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْظُورَةِ ثُمَّ لَمْ يُكَاشِفْ بِهَا وَلَمْ يَلْقَ فِيهَا جِلْبَابُ الْحَيَاءِ فَالْكَفُّ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْإِمْسَاكُ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ أَسْلَمُ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: إنَّ الْمُسْتَتِرَ بِالْمُنْكَرِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُسْتَرُ عَلَيْهِ , فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فُعِلَ مَا يَنْكَفُّ بِهِ إذَا كَانَ أَنْفَعَ بِهِ فِي الدِّينِ.
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمه الله ما ضابط هجر العاصي الذي لم تظهر معصيته علانية للناس إذا كان في هجره مصلحة؟.
فأجاب: الضابط: أن هجر العاصي إن كان فيه مصلحة بحيث يرجع العاصي عن معصيته: فليهجر، وأما إذا لم يكن فيه مصلحة: فهجره حرام؛ لأن العاصي مسلم، ولو فعل ما فعل من الكبائر، إلا الكفر إذا كَفَر، هذا معلوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان، ويعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، فلا تهجره؛ ولأن بعض العصاة إذا هجرته: زاد في معصيته، وكرِهك أيضاً، ولم يقبل منك أي نصيحة، أما لو كان هجره ينفع، كما لو كان أحد الأبناء، أو أحد الإخوة وهو يقدِّرك، وإذا هجرته ارتدع: فهنا اهجره حتى يرتدع، فإن أخلف الظن - بمعنى: أنك هجرته ولكنه لم يرتدع -: فعُد، وسلِّم عليه، ولا تنس النصيحة.
" لقاءات الباب المفتوح " (231 / السؤال رقم 9).
حكم هجر أهل البدع الدعاة وأهل الكفر وأصحاب الكبائر والفواحش المجاهرين من المسلمين إيجابياً ووقائياً:
هجر أهل البدع والمعاصي والكبائر المجاهرين في الله -غير الوالدين - من شُعب الإيمان، ويُلحق بأهل المعاصي أهل الكفر من باب أولى , والهجر الشرعي دل عليه الكتاب والسنة والإجماع , والأدلة عليه أكثر من أن تُحصر وأشهر من أن تُذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
من الكتاب قوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام حينما خاطب قومه قائلاً (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) وقوله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً) وقوله كذلك (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) وقوله (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وقوله كذلك (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين) وقوله عن المؤمنين (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) وغير ذلك من الآيات.
اسم الکتاب : أحكام الهجر والهجرة في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 7