responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر المؤلف : عبد الكريم الحميد    الجزء : 1  صفحة : 68
لأَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ!) انتهى [1].
فإذا كان «ابنُ حزْم الأندلسي» يقول ذلك عن سَادَةِ زَمانه فَمَاذا عسَاه أنْ يَقُول لَوْ رأى الناسَ فِي زَمَانِنَا حُكَّاماً وَمَحْكُومِينَ وهُمْ يَتَشَبهُونَ بالكفَّار في تَشْييدِ الدُّنيا بِمَا لاَ مَثيلَ لَه مِن قَبْلُ إِلى غَايَةِ أنه لَوْ صَاحَ صَائِحٌ من السَّمَاءِ وقال: (يَا أهْلَ الدُّنْيَا خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ) لَمَا زَادُوا عَمَّا هُمْ عَلَيهِ في تَشْييدِهِم ذَلِكَ! [2].
ثم انظُرْ مَا تَقَدَّم ذِكْرُه من تغليظِ ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - على مَن رآه يضحك وهم في جنازة!، كيف لو رأى السلفُ الْمُشيِّعين للجنائز اليومَ ومَا هُمْ لاَهُون لاَغُون فيه مِنْ ضَحِكٍ وكلامٍ في أمورِ الدنيا وجوَّالاَتٍ مُصاحِبة لهم ومراكب جائلة في الْمَقابر!، وهذا لا يَدل على شيء إلاَّ على قوله تعالَى: {لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [3]!، أمَّا لو تذكَّر الإنسانُ أنَّ هذا مصيره وقد أُخفي عليه حِينُه وتذكَّر ما وَرَدَ في شأن القبر وكَوْنه رَوضة من رياض الجنة أو حفرة من حُفَر النار وسؤال «مُنكَر ونكير» لصارَتْ له حالٌ غير هذه الحالة الإستكبارية الْجَفَائية الْمُعلِنَةُ أنَّ صَاحِبَهَا فِي شأنٍ غير الشأن الذي خُلِق له وأمِر به، وأنَّ العقْلَ عازبٌ، وفي أودية طول الأمَل ذاهبٌ!.
وحينما نَظَر أبو الدَّرداء - رضي الله عنه - إلَى رَجُلٍ يَضْحك في جِنَازةٍ قال له:

[1] «رسائل ابن حزم»، (3/ 41).
[2] أنظر للفائدة كتابنا: «عيوب تشييد البناء في دار الفناء».
[3] سورة الأنبياء، من الآية: 3.
اسم الکتاب : إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر المؤلف : عبد الكريم الحميد    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست