المطلب الخامس عشر-لا تجوز طاعة هؤلاء الطواغيت:
فإذا كان ابن عمر ومحمد بن الحنفية وأحمد بن حنبل لا يرون البيعة ولا السمع والطاعة حال افتراق الأمة على رجلين في الحجاز والشام، فكيف بهذا العصر الذي هو عصر الشر المحض والدعاة إلى أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها، وهو الذي لا جماعة فيه ولا خلافة عامة، بل فرقة عامة وتشرذم ودويلات طوائف وملوك وجبابرة وطواغيت، لكل دولة دعاة يدعون لطاعة طاغوتها، ولها خطاب يخالف خطاب القرآن والسنة، وما كان عليها الخلفاء الراشدون، بل وما كان عليه الخلفاء المسلمون حتى في عصر المحدثات، حيث تغيب اليوم الخلافة تماما، وتتعطل أحكام الشريعة، وتستحل فيه المحرمات والموبقات وتسفك الدماء ظلما وعدوانا وطغيانا، وهو هذا الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم منذ سقوطها تحت جحافل الاستعمار الغربي في الحرب العالمية الأولى، تلك الحملة التي فرضت على الأمة واقعاً سياسياً واقتصاديا وتشريعيا وثقافيا وعسكريا يصطدم بأصول دينها وأحكام شريعتها، فأسقطت خلافتها، وفرقت وحدتها، وأقصت شريعتها، وعطلت قدرتها وقوتها، وأقامت بدلا من ذلك دويلات قطرية وحددت حدودها وفق مصالحها الصليبية الاستعمارية في العالم الإسلامي، وهو ما لم يحدث في تاريخ الأمة كله مدة ثلاثة عشر
(1) - الطبقات الكبرى ط العلمية (5/ 79)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية لشهداء الثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 142